كنت أظن اللصوص أذكياء.. حتى رأيت بعض النخب يسرق بغباء..!
لم تكن السرقات الأدبية سهلةً، بل كانت تحتاج جهداً من السارق في تحديد المسروق، وتعباً في إعادة كتابة النص المسروق وتنسيقه.. وكانت الفضيحة بعيدة آنذاك، وحتى المسروقات كانت ثمينة كالبحوث والدراسات والكتب العلمية..!
كان بعض الأذكياء يسرقون مقولة أجنبية، ثم يعملون ذهنهم في صياغتها بأسلوب جديد، يطمس معالم السرقة، لكنها في النهاية لا تتعدى سرقة فكرة..!
وكان بعض الأذكياء يسرق فكرة مقال، فيكتبه بأسلوب مغاير هرباً من أن يشير إلى المسروق منه لأنه يراه أصغر منه، بينما إذا اقتبس من الكبار ألمح إليهم هرباً من الفضيحة..!
سرقة الأفكار جريمة يحفظها الذكاء من الفضيحة، لكنها تبقى في ركن السرقات حتى لو لم تُكتشف، والسارق يدرك جيداً أنها ليست من بنات أفكاره، وستبقى منقصة يحملها في نفسه على نفسه..!
اليوم أصبح كل شيء معرضاً للسرقة وليست الفكرة فقط.. فالمقال يسرق والتغريدة تسرق.. لكن التقنية لم تترك لـاللصوص جحراً إلا دخلته وفضحت مسروقاتهم..!
ليست المصيبة في السرقة، ولست هنا أناقشها، فهي آفة قديماً وحديثاً وأدواتها تتطور.. بل المصيبة أن يكون فاعلها من النخبة التي توجه الناس وتنتقد عيوب المجتمع، فتسرق بكل وقاحة ومكابرة.. ثم ترفض الاعتراف رغم التناص، ورغم أنها قص ولصق، وربما لو عرفوا مخرج وقع الحافر على الحافر الذي استخدمه الشعراء السابقون لاستخدموه وعدوا ملطوشاتهم من وقع الحافر..!
مغردون معروفون يلطشون تغريدات الآخرين نصاً بعلامات ترقيمها، فيفضحهم وعي الناس ثم لا يخجلون من مواصلة التغريد وكأن شيئاً لم يكن، حتى أن بعضهن لا يخجل أن تكون التغريدة التي تليها مطالبة باحترام حقوق الناس أو تتحدث عن الملكية الفكرية..!
وكاتب معروف يلطش مقالاً لزميله، وحين يجد من يقول له في تويتر بأدب إن مقالك يتطابق نصاً وفكرةً وتسلسلاً مع مقال زميلك المنشور قبلك بأيام يستشيط غضباً، ولا يتوانى عن منح كل من صارحه بلوك، وبعد فترة عاد ليؤكد أنه بعد البحث تبين أن بعض الحقائق في مقاله متشابه مع مقال زميله، ولذا وجب التنبيه والاعتذار..!
والحقيقة أنه ليس بعض الحقائق تتشابه بل تتطابق، لكني ألتمس العذر للزميل السارق؛ لأنه ربما لم يقرأ هو مقاله إلا بعد النشر..!
ميزة زميلنا السارق أنه يكثر من كتابة المقالات والتغريدات عن حاجتنا لاحترام الرأي الآخر، وحفظ حقوق الناس..!