على الرغم من كثرة شعاراتنا التي تندد بالإرهاب، وكثرة الحملات التي نقودها صادقين لمحاربة الإرهاب أو القضاء عليه؛ إلا أننا نصنع - دون قصد - إرهابيين آخرين من حولنا، ونرعاهم حتى يكبروا ويشبوا عن الطوق. لا شيء يقدر على خلق الانفلات الفوضوي، كما يقدر على ذلك الكبت والقمع ومصادرة الحريات بشكل غير مبرر أو مقنع، بحجة البر والطاعة والامتثال، فكل هذه المصطلحات جميلة، لكن تحققها يحتاج إلى الحوار والشفافية والإقناع، أما فرضها فرضا فإنه يفضي إلى التمرد غير المحسوب العواقب، بحيث لا يمكن لجمه بعد حدوثه، إلا أننا وللأسف الشديد ما زلنا ـ والخطاب للمجتمع بأكمله ـ نمارس سلطاتنا بشكل قمعي، غير مدروس، بدءا من الوالدين بالبيت، ثم الرؤساء في العمل، وإدارات المدارس والجامعات، وكل مسؤول تقابله وتدخل ضمن دائرته بشكل موقت أو دائم، إذ يلجأ الغالبية منهم إلى فرض أنظمتهم بالقوة والعنف، كخيار أفضل، فيتم اعتمادها لغة حياة، خاصة عند الأطفال، مما يصعب عليهم لاحقا الاستجابة للأوامر الأخف لهجة منها، ويكفي أن نتأمل لغة الخطاب من حولنا عبر اللوحات الإرشادية التي يتم وضعها في الأماكن العامة، على شاكلة: وقوفك هنا يعرضك للعقاب.