لا شك أن الأمن في الوطن أكبر من لغة الكلام، وتعجز عن حصره وإيجازه اللغات والمعاجم، وأن الأحداث الإرهابية الأخيرة في الأحساء التي أسفرت عن سقوط شهداء من مواطنين أبرياء عزل، وجنود ثبتوا ساعة الصفر فنالوا شرف الشهادة مقبلين غير مدبرين. ما هي إلا امتداد لأحداث إرهابية سبقت، لا يأمن العقلاء تكرارها -لا قدر الله- إلا أن في طياتها العديد من الدروس لذوي الرأي وعقلاء المجتمع، فمن المحن نقتطف المنح، كما أن نتيجة التصدي لها وسام اعتزاز وشرف بهذا الوطن المسالم الذي يعزز ثقته الأمنية في نفوس مواطنيه يوماً بعد آخر، وما تم ذلك إلا بحنكة قادته، ووعي مواطنيه وتكاتفهم؛ فها هي فأسهم تقطع يد الفتنة الخبيثة التي سعت جاهدة إلى إذكاء روح الفرقة وإشعال نار التباعد، فما كان من الجميع قادة وشعباً إلا التلاحم والتآزر، وهذا ما ذهب إليه إدموند بيرك حينما قال إذا اتحد الأشرار فعلى الأخيار أن يتحدوا، وإلا سقطوا ضحية لهم، كما أثبتوا أن الوطنية الحقيقية لا تنتمي إلى أي طائفة كما يعبر سموليت. إن هذا التكاتف الوطني الذي تعدى الطبقية والمذهبية والقبلية والمناطقية فخر لكل من انتمى إلى هذه الأرض المباركة، فحب الأوطان لا تحده الكلمات، ولا يبدأ بزمن ووقت، فقد أكد قبل الميلاد فيلسوف البشرية أفلاطون على أن لا صلة أقرب من صلة الوطن. الأوطان لن تعطي إذا لم تُمنح، ولن تحمي أهلها إذا لم يبادروا إلى التكاتف في وجه أعدائها، ها هي الهند أكبر وطن ديموقراطي تنوعاً في الأديان والمذاهب والأعراق والإيديلوجيا توارثوا المثل الشعبي الذي سار بينهم المعجزات وليدة الرجال المتحدين.
فالقوة بالترابط والثمرة بالتعاون والوطن بالتآزر، يقول أبوحاتم السجسوتاني لا يتم عمل والتعاضد مفقود، ولا يكون فشل والاتحاد موجود.
حمى الله وطننا من كيد الغادرين، وتقبل برحمته الشهداء المغدورين.