هما/ شاب وشابة سعوديان في مقتبل حياتهما؛ جمعتهما جغرافية تقع حدودها بين أجهزة غسيل الكلى بأحد المستشفيات في جدة.
هما/ شاب وشابة سعوديان في مقتبل حياتهما؛ جمعتهما جغرافية تقع حدودها بين أجهزة غسيل الكلى بأحد المستشفيات في جدة؛ كانت المعاناة واحدة المرض والفقر والوحدة؛ فكان توفيق الله تعالى بأن خطبها وعُقد قرانهما، فكل منهما يحتاج إلى دعم نفسي أكثر من أي شيء؛ فما حكايتهما؟!
هو كان شابا في التاسعة عشرة، مفعما بالأحلام مع الدراسة والعمل؛ ولم يعلم أن لحظة لقائه مع المعاناة الطويلة مقدرة له في هذا العمر؛ حين أعلن الطبيب إصابته بـالفشل الكلوي؛ ليتحول بعدها إلى شاب يمتلك حلمين فقط، الأول: أن يجد متبرعا مطابقا بعد أن فشلت محاولات إيجاده من أقاربه؛ يريح جسده الناحل من معاناة غسيل الكلى الذي يلزمه ثلاث مرات أسبوعيا استمر حتى الآن ثلاث سنوات؛ أما الحلم الثاني: أن يجد عملا يعينه على مصاريف العلاج ويحتويه اجتماعيا ويراعي في ذات الوقت مرضه وحاجته لغسيل الكلى ثلاثة أيام أسبوعيا؛ مما يجبره على عدم العمل خلالها؛ ولأن أصحاب العمل في القطاع الخاص لا يرضون بتوظيف أمثاله كنوع من المسؤولية الاجتماعية؛ في ظل بيروقراطية الخدمة المدنية؛ بات شابا مريضا عاطلا وفقيرا.
هي قصة أخرى من المعاناة المريرة؛ يتيمة ووحيدة أمها التي كانت إحدى زوجتين؛ تمّ تزويجها صغيرة رغما عنها؛ وحين أنجبت مولودها الأول؛ أعلن الطبيب إصابتها بفشل كليتيها؛ وبكل بساطة؛ بدلا من وقوف زوجها معها؛ أرسلها بدم بارد إلى بيت أمها مع ورقة الطلاق؛ فلا رغبة له بزوجة مريضة، ومرضها سيلتهم كل ريالاته ويدفعه لصرف ما في جيبه؛ وليس هذا فقط؛ بل تخلى عنها حتى إخوانها من أبيها وكأن ليست لهم أخت من دمهم ولحمهم.
هذه ببساطة قصة لمريضين بالفشل الكلوي فما بالكم بباقي القصص من المعاناة والألم التي تمتلئ بها غرف غسيل الكلى بمستشفياتنا؛ فهم يعيشون في مجتمع لم تستوعب فيه بيئات العمل بالقطاع الخاص دورها تجاههم؛ لكن الأدهى والأمر والمفجع أيضا؛ أن المؤسسات الاجتماعية الحكومية غير مستوعبة دورها تجاههم أيضا؛ فقد أخبرني أخو هذا الشاب المريض أن أخاه ومنذ ثلاث سنوات لم يستلم ريالا واحدا من المعونة المادية المخصصة لمرضى الفشل الكلوي المحتاجين ومقدارها عشرة آلاف ريال من الجهة الحكومية المخولة بذلك؛ وليس هو فقط؛ بل حتى خطيبته؛ لم تتسلم هذه المعونة منذ ثلاث سنوات؛ وفي ظل مرضهما وحاجتهما ونيتهما الزواج باتا يحتاجان هذه المعونة اليوم أكثر من أي وقت لتعينهما في تأسيس منزل يحتوي معاناتهما.
بصراحة شديدة؛ لا أعرف كيف أفسر تجاهل وزارة الشؤون الاجتماعية دورها تجاه معاناة من وضعت لخدمتهم وأوكلوا أمرهم لها؛ هل هو إهمال!؟ أم عدم مبالاة بحمل الأمانة لدى بعض المسؤولين فيها!؟ فمن الظلم والقسوة تكالب ظروف المرض وقصور المجتمع وإهمال المسؤولين أيضا في هذه الوزارة واجبهم تجاه هؤلاء المرضى؛ وحسبنا الله ونعم الوكيل.