تشير تقارير وزارة المالية ومؤسسة النقد إلى أن حجم الدين الحكومي العام انخفض نهاية العام الماضي الى 225 مليار ريال ولكن: هذا الدين العام لم يسجل تناقصا في العام نفسه عن سابقه إلا بنسبة 5% والمقلق بمكان

تشير تقارير وزارة المالية ومؤسسة النقد إلى أن حجم الدين الحكومي العام انخفض نهاية العام الماضي الى 225 مليار ريال ولكن: هذا الدين العام لم يسجل تناقصا في العام نفسه عن سابقه إلا بنسبة 5% والمقلق بمكان أننا نحتاج لعشرين سنة كاملة كي نقفل هذا الدفتر إذا ما استمررنا بهذه الوتيرة وبهذه النسبة المئوية من تآكل هذا الدين. وحتى نبرهن أننا جميعا شركاء في وطأة ومسؤولية هذا الدين العام، تماما مثلما نحن شركاء في عوائد المال العام، فإن على كل فرد أن يتدبر بالحسابات الرياضية نصيبه الشخصي من هذا الدين العام، لأنه، وبالمنطق، هو من سيدفعه طالما أنه اقترض من أجله كمواطن، وبكل تأكيد سندفعه على حساب شعاب وأودية تنموية وخدماتية وحياتية. طالما أن هذا الدين العام اقترض من أجل المواطن فإن الافتراض يشير إلى أن ذات المدين هو من سيدفعه. الفوارق فقط تكمن في ماهية وكيفية الدفع وبحساب آلتي الحسابية، وبقسمة الدين العام الملياري على ملايين المواطنين، فإن نصيب أسرتي الصغيرة من هذا الدين العام، أو بالصحيح مسؤوليتها من حصة السداد تلامس سقف مئتي ألف ريال، وهنا تكمن مسؤوليتنا الأخلاقية: سأفترض أن نصف عائلتي الصغيرة لم يستفد من هذا الدين لأنه لم ير الدنيا بعد في سنوات استقراضه ومع هذا سيدفعون صلبه وفوائده على حساب أشياء أخرى كان يفترض أن تذهب ألى تعليمهم وصحتهم وحاجات حياتهم المختلفة. نحن الذين اقترضنا فلماذا تدفع الأجيال من بعدنا إرث ديوننا التي سنرحلها إليهم دون ان يفتحوا لأجلها كفا.
بقي من فزاعة الدين العام تلك الأسئلة التي لا يثيرها أحد ويبدو أنها رغم إلحاحها وأهميتها لا تستفز جوابا من أحد. طالما أننا المقترضون نحن هو الدائن إذاً. ولكي نطمئن أكثر فهل بين هؤلاء الدائنين جهات حكومية مثل ما يشاع عن التأمينات الاجتماعية وصندوق مصلحة التقاعد؟ وهل تستطيع هذه الجهات الحكومية أن تقف على قدميها وأن تفي بالالتزامات التي تعمل لأجلها إن ضاق بنا الحال وجاء يوم أو عام لا نستطيع فيه حتى الإيفاء بسداد هذه النسبة السنوية؟ هل هناك دائنون آخرون؟ ومن هم؟ وما هي الجدولة التي نتعامل بها مع كل دائن يمد يديه إلى الجيوب؟ أنا مواطن وأعترف بشراكتي في هذا الدين العام واستحقاقه عليَّ. أريد فقط أن أتدبر حصتي منه واستحقاق أسرتي الصغيرة كي أتدبر أمرها قبل أن أرحل.