لا أحد شوّه مفهوم الحُب في مجتمعاتنا العربية أكثر من فنانينا العرب من خليجنا إلى محيطنا، حتى لم يعد الحب حبا، ولا الغناء غناء، والاستثناءات قليلة الآن، ونادرة جدا.
فنانونا العرب يحبون ليل نهار، ويحبون قبل الأكل وبعده، وصراخهم في الفضائيات العربية الواسعة، لا يقف عند حد.
صحيح أن الحب حالة إنسانية جميلة وعالية القيمة، لكن عندما يتم تعاطيه في قوالب فنية تفتقد أدنى متطلبات الإبداع الغنائي وشروطه، من كلمة ولحن وأداء، فهو لا يشوّه تجربة الفنان نفسه، بل يتعداها إلى تشويه قيمة الحب، ومفهومه.
الذي تعرضه الفضائيات العربية الآن، من أغان عاطفية تدور في الحُب وحوله، ليس أكثر من أغان ممجوجة، لا قيمة فنية لها، فلا الكلمات كلمات، ولا الألحان ألحان، ولا الأداء أداء، وإنما الحكاية كلها، مغنون يدخلون تحت بند الحبّيبة ولا علاقة لهم بالفن أو الإبداع، في صورته الأعمق.
حبّيتك تنسيت النوم
يا خوفي تنساني
حابسني برّات النوم
وتاركني سهرانة..
بهكذا كلمات شعرية خلاقة، وبلحن وأداء أسطوري، تحرج الفنانة فيروز مطربي هذا الجيل الصاخب المزعج الفارغ، بل وتُعلي من قيمة الحب وتعمّق مفهومه.