خرج الشيخ أحمد قاسم الغامدي مع زوجته المحجبة في برنامج تلفزيوني فأحدث صدمة في قلوب الممانعين للحياة والرافضين لسماحة الاختلاف، وهم في حقيقة الأمر هم أنفسهم من كانوا يحتفون بحجاب زوجة رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان ويرون فيه الطهر والعفة.
ويبدو أن هناك فرقا كبيرا من وجهة نظرهم بين حجاب المرأة السعودية وحجاب غير السعودية، وإلا لما ملأوا الدنيا صراخا مستنكرين ما فعله الغامدي وزوجته، وحين تتأمل ذلك قليلا تجد نفسك أمام مواقف متناقضة تتلاعب بها الأهواء الشخصية والاعتبارات الاجتماعية ولا دخل للدين في هذا، بل إنه حتى تقاليد المجتمع كانت تسمح للمرأة بكشف وجهها حتى وقت قريب، إلى أن جاءت الصحوة بفكرها الأحادي الحاد فغيرت هوية المجتمع المتصالح مع نفسه وقناعاته.
الغامدي كان شجاعا وطبق ما يقول في شأن جواز كشف المرأة وجهها، وكان طوال السنوات الماضية أمام ضغط كبير من بعض المتحمسين، الواعي منهم وغير الواعي، ووصل ببعض الرعاع إلى أنهم ذهبوا إلى بيته وطلبوا منه أن يسمح لهم بالجلوس مع زوجته وبناته، ويبدو أنه حين فعلها وأخرج زوجته كاشفة وجهها ليؤكد إيمانه التام بما وصل إليه، ضربهم في مقتل وشعروا بالهزيمة، وبدلا من احترام موقفه واصلوا النيل منه ومن أهله وحسبه الله.
المتأمل لموقف هؤلاء المعارضين لفتوى الغامدي وموقفه وزوجته والذين في الوقت نفسه يثنون على الحجاب الإسلامي المتعارف عليه في الدول العربية والغربية؛ يجد نفسه أمام موقف مؤدلج اجتماعيا وفهم غريب للدين يميز بين أفراده بحسب الموقع الجغرافي والانتماء المجتمعي، فالتي تلبس الحجاب في الغرب مسلمة محافظة والتي تلبسه هنا مخالفة تدعو إلى الفتنة، فاللهم اغفر لنا ولهم.