يدخل الدكتور عبدالعزيز الخضيري مكتبه بوزارة الإعلام في وقت تغير فيه شكل الإعلام الذي كنا نعرف خلال سنوات قليلة. وأصبح -من كنا نسميه في السابق المشاهد أو القارئ أو المستمع- يرى نفسه وزيرا للإعلام، يحمل مكتبه في جيبه ويتنقل به حيث يشاء، يتفاعل، يصرح، يعلن، يشجب، يبدع، يستنكر، يعلق على الأحداث، ينقل عن مصادر مطلعة وغير مطلعة، يصنع مادة إعلامية، ويبثها للملايين.
أصبحنا نعيش أزمة مرور خانقة في طريق السايبر الواسع، سابقا كنا نشكو من قلة المعلومات، والذين كانوا يسمونهم -في نظريات الإعلام القديم- حراس البوابات المعلوماتية، واليوم نشكو من كثرتها، وشدة تدفقها، وتأثيرها علينا، والعفن المتصاعد من بعضها، فالتقارير تتحدث عن نصف مليون حساب وهمي، تتحدث باللهجة المحلية بهدف الإساءة إلى المملكة، وأصبح الإعلام الجديد شريكا حتى في الجرائم الإرهابية والتقليدية كما حدث في جريمة إطلاق النار على المقيم البلجيكي حيث تعارف الجناة عن طريق الإعلام الجديد.
إذن فقد أصبح الشارع السايبري خطيرا -أيضا- ويهدد الأمن والاستقرار، في الزمن السابق كان وزير الإعلام يملك مفاتيح هذا الشارع، ويتحكم فيه كما يشاء، ولكن في عالم اليوم لا تستطيع وزارة الإعلام أن تقوم بدور شرطي المرور لتنظيم حركة السير في هذا الشارع، ولكنها تستطيع -حتما- أن تخلق النموذج وتقدم البديل المحلي الأكثر مصداقية من خلال قيادتها لمركبتها الخاصة والمتفردة ذات الإمكانات العالية، تستطيع أن تستفيد من ميزاتها النسبية في التشجيع على صناعة مادة محلية جاذبة ممتعة ومقنعة، وكل التوفيق للوزيرين السلف والخلف.