فيما تجاهر الحياة بظواهرها، بنموها وطبيعة حركتها وتحولاتها، في جريان النهر، في أغصان الشجر، تحمل الطير على ظهرها، كما تخبئ اليرقات في تجاويفها، طبع الحياة الكبير في الغابات، حيث المخالب تنبت والعشب ينبت، وصغار الماعز والجواميس تركض بينهما، فيما تجاهر الطبيعة بالشلالات وغضب الفيضانات، التي تأتي على القرى والمدن، وبعد أن يغادر انفعالها العجيب، تنبجس الزهيرات والأشجار الصغيرة من جوف الخراب. فيما تظهر الحياة سطوتها على هذا النحو الواسع والمتعدد.. يحدث أن تخبئ الحياة أشكالا أخرى لما ومن يشبهها، ومن هو امتداد حقيقي لها. الشاعر اللبناني بسام حجار، إحدى حالات نموها الساحر، ففيما يتهاوى شيء ما نفسه، سرعان ما تنبت كلماته لتعيد لطبيعة الحياة اشتهاءها، مهما كانت الحكاية حزينةً وقاسية، فإنه يفعل.
يقول بسام، ضعي، حين ترسمين وجهي، قليلا من التعب في ملامحي. خطا واحدا على جبيني، لكي أحسب أنني في منتصف العمر، وليس في آخره. ضعي بريقا باللون الذي تختارين، لكي لا يظل الجفاف في عينيّ، وضعي كثيرا من الماء، لكي تبقى لي يدان قويتان، وشاربان، وقلبٌ صغير.. لشدة ما يصفر صدري من الخواء. لا تنسي الأسرة لكي ننام، والأفواه لكي نبتسم.. وقليلا من الدموع فقط.