باولو كويلو يقول:
من بين كل أسلحة الدمار التي اخترعها الإنسان يبقى الكلام السلاح الأقوى والأخطر.
ولأن الكلام مباح في وقتنا هذا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، والصحف الإلكترونية، والمنتديات قبل فترة، والمدونات وغيرها، أصبح من السهل عليك أن تتقمص دور الناقد أحيانا، وتبدأ في تقييم كل الأشياء حولك، ومنظّرا لكل ما تشاهد، ولكل ما تقرأ.
أشبع غرورك ونرجسيتك بكتاباتك التي تتمنى لو تقرأها من كتَابك المفضلين، واصل معارضة كل من يختلف معك، أو جرب أن تكون ناقلا للخبر باحثا عن جديده وحصريته وانشره ما دمت تكتب في حدودك أنت، وفي كل ما يخصك وبما أنك لا تحمل أي صفه مهنية فلا يهم صحة ما تكتب من عدمه أو جودته، وحتى لو كنت تحملها فلن يحاسبك أحد كل هذا يبدو متاحا للجميع.
أصبح بإمكان الجميع وصفك بأي عبارة يراها، ويتحدث عنك بأي طريقة يشاء، حتى لو كان بمفرده ولا يسمعه أحد.
فقط في رياضتنا إن لم تنتقد المسؤول بحدة، وتتجاوز معه خطوط النقد إلى الوقاحة أحيانا، فأنت كاتب أو ناقد مأجور.
أن تمتدح خطوة إيجابية يقوم بها ذلك المسؤول، وتشيد بعمل قدمه حتى لو لم يكتمل أو لم يؤت ثماره، أنت ناقد مأجور تقبض ثمن تلك الإشادة.
إن لم تقف مع غالبية الجماهير وتنتقد لاعبا وتشتم آخر، وتطالب برحيل أجنبي لم يسعفه الوقت لتقديم ما يملك ستكون في نظر الجميع ناقد مأجور.
وربما تعدت الأمور أبعد من ذلك بكثير، قد يتهمك البعض بالمشاركة في صنع القرار فقط لأنك تدافع عن القرار ذاته أو من اتخذه دون بينة واضحة أو أدلة دامغة.
للأسف مجتمعنا الرياضي أصبح مؤذيا لكل المنتمين إليه أكثر من أي وقت مضى، فلم تعد تحكمه مبادئ ولم يعد نقيا بالقيّم، ولم تعد المنابر الإعلامية حكرا على المتميزين فكرا وطرحا ولغة، بل لكل من يطلق العنان للسانه شتما وتحريضا وانتقاصا باسم حرية الرأي.
لا يهم البعض أن تكون قويا وجريئا في طرح رؤاك وأفكارك بقدر ما يهمهم إلى أي مدى تتوافق مع رغباتهم وتوجهاتهم.
للأسف لم يعد ما تطرحه هو من يتحكم في تصنيف قلمك، بل بمتابعيك وجماهيرك التي يعجبها غالبا تقزيم الآخرين والانتقاص منهم والخوض في كل ما يشد انتباههم حتى لو كان تافها، المهم أن تكون معهم.
حتى بعض الإعلاميين والكتّاب كنا نرى فيهم أشخاصا مثاليين رياضيا متزنين طرحا ورؤى ولكن يبدو أن التقنية كان لها دور في تعرية كثيرين، والمنابر الإعلامية كشفت ما بين السطور والأعمدة، وكشفت التغريدات ذاك السمت والوقار خلف الكاميرات المزيف.
إعلامنا وحواراتنا ونقاشنا جزء من منظومة النجاح أو الفشل لرياضتنا وما وصلنا إليه الجميع شركاء فيه، وعلى الجميع أن يبدأ بتقييم عمله قبل الآخرين، وتقويمه حتى يستقيم العمل ونحصل على النتائج.