ثمة ارتباط وثيق بين معاني الكلمات وانعكاسها وثمة ظلال خلف كل معنى ومعنى، ولأن الاقتصاديين كشفوا وعرفوا كيف يمكن غسل الأموال القذرة وتبييضها أو محاولة تنقيتها، رغم علمهم أنها مهما غُسلت فمنبعها لا يمكن تنظيفه، وجب علينا اليوم استنساخ تجاربهم وإسقاطها على ما نشاهده في هذا الزمن الغريب! فبعض الأفعال قد يكون ظاهرها الحق لكن باطنها سم زعاف كمن يدعي غيرته على الدين فيكره تلك الطائفة ويكفر تلك الفئة ويفجر ويدمر، وهو على اقتناع بأنه على حق والحق منه براء! كبعض الدواعش يجزون الرؤوس جزا، اعتقادا أن ذلك يقربهم إلى الله ثم يغسلون فعلتهم القذرة بانتقاء السبايا وتحديد تسعيرة لتداول الحسناوات أليس هذا غسل أفعال؟
دعونا من غسل الأفعال وتعالوا ننظر إلى غسل الأقوال واستذكروا خطابات خفافيش القاعدة ومهووسي طالبان، هل فكرتم يوما لِم يردد أحدهم آية أو حديثا وهو يهم بتفجير منشأة حيوية أو قتل إنسان آمن في بلد الإسلام لا يحمل تهمة سوى أنه مسيحي أو غير مسلم! أليست تلك محاولة غسل أقوال؟
أشعر بالرعب كلما رأيت أحدهم يتعاطف مع هؤلاء وأشعر بالفخر كلما احتجزت الدولة وأوقفت من يسكب الوقود على الحطب مرتديا عباءة الناصح الأمين، رغم مطامعه الحزبية وخبثه السياسي وعدد مريديه الوهمي.
علينا اليوم تحكيم عقولنا قبل عواطفنا، وعلينا غسل عقولنا بالعلم والوسطية والخوف على الوطن قبل أن يغسله لنا أحدهم باسم الخلافة المزعومة، وعلينا أن نتذكر دائما حال غيرنا حين انجرفوا خلف الوهم.
خاتمة: لو كانت الدعوة إلى الله بترديد الآيات والأحاديث دون فهمها وتطبيقها واستشعار سماحتها لأصبح طائر الببغاء أشهر داعية في التاريخ!