يقدم المشهد الإعلامي العالمي الموجه التنظيمات الإرهابية على أنها قوية وتتكاثر بصورة مجنونة، وفي الواقع تجول المئات أو الآلاف في مدن وقرى والتصوير واحتلال الجامعات ثم الخروج منها بعد طردهم شر طردة، وقتل الآلاف والمئات وبيع العشرات وممارسة الإرهاب الأسود ورفع تفاصيل الجرائم على المواقع الافتراضية، مسألة تقف خلفها جهات تعلم جيدا أنها استعراض إعلامي سيقاومه الأسوياء، وحتى وفي حال العجز عن مقاومته تولد المنظمات الإرهابية، وأسباب فنائها تتنامى من داخلها.
ومن يراجع ما سمي بـبيان الغدر يوضح فيه شاهد من التنظيمات أن الاستعراضات مسألة بصرية هوليوودية وتمثيل في المقاطع من دون تنفيذ، أو مع تنفيذ محدود.
الفكر أو التوجه الإرهابي مصيره الفناء كفكرة الممانعة العربية، التي تبنتها أنظمة شمولية وتنظيمات إرهابية ارتدت الأقنعة واحتجنا للجحيم العربي ليسقطها، ولا فرق بين تنظيمات جديدة وقديمة وتعدد للتسميات حالش، داعش، ماعش، قاعدة أو ما يخطط لاختلاقه مستقبلا، جميعها من دون نفخها إعلاميا والمبالغة في تداول جديدها، تسقط خلال عقد أو عقدين من الزمان. الراغبون في الموت أقلية بين البشر ولذلك تلجأ التنظيمات الإرهابية إلى المرتزقة، ومهما حاولت الآلة الإعلامية تقديم قطعان الإرهاب على أنهم بمئات الآلاف، تأتي تصريحات من مصادرها الموثقة لتؤكد العكس وتفضح المبالغة والتضخيم.
محليا، أثبتت حربنا على الإرهاب أنه طارئ ومهما بلغ أي تنظيم واحتل موقع الذروة واستقطب بدعم الآلة الإعلامية المشبوهة والمنفلتة بلا ضوابط وتدار من خارج بلادنا، ومع تضخيم وترويج واضح، يأتي يوم يضمحل ويصبح فيه بلا قيمة فتضطر الجهات المستفيدة إلى وضع عنوان جديد ومنحه الملامح الجاذبة، وفقا لما يجذب الأجيال. الطارئون على الحضارة لا قيمة لهم من دون إعلام يمجدهم أو يهول أفعالهم، والإعلام الوطني ومؤسسات الثقافة مطالبة بالتركيز على الإنجازات وتقديم المشاريع الوطنية والثقافية، ومنها ما يرتبط بما تفكر فيه النخبة وقادة الرأي وما يكتبون عنه، من دون هستيريا وهلاوس تدحضها الأرقام وأوردتها في مقالة الأمس، وأفعال الرجال وقدمها بواسل السعودية.
نخبنا مطالبة بتبني خطاب وطني يستوعب التحديات ويتجاوز إغراء السطوع الإعلامي والانجراف بموجة ما يطلبه المتابعون وما يتناوله التيار العام التقليدي. قيادة التعبير عن الضمير الوطني تعني أن الوطن ومقدراته وإبراز إنجازاته، أولوية لدعم انحسار الخطاب الإرهابي المتطرف وتحجيم الإرهاب واجتثاثه ليس بتفنيد مشهد الإرهاب فقط، بل لا بد من تقنين السوداوية والنقد والعمل على جعل جرعاته نوعية للإسهام في التوعية.