كانت وزارة الصحة محطة مهمة في المسيرة الإدارية للراحل غازي القصيبي، وقد أفرد لها مساحة كبيرة في إصداره الشهير (حياة في الإدارة)، سبر من خلال تجربته تلك كل مكامن القصور التي كانت تعتري العمل وتؤثر عليه في تلك الفترة، وسجل في بعض فصول ذلك الكتاب شيئا من نجاحاته التي انعكست حتى حين على المفاهيم والممارسات داخل الوزارة وخارجها.
رحل القصيبي من الوزارة وخلفه رجال أكفاء على مستوى السير الذاتية والخبرات الإدارية، وجميعهم ترك بصمته التي ما زالت تعكس سيرته وتجربته في العمل.
أما الوزارة اليوم، فهي في عهدة الوزير المهندس عادل الفقيه، وهو المتسلح بخبرة وتجربة ثريتين في وزارة العمل جعلتاه الخيار الأمثل للقيادة لتطوير القطاع الصحي وإخراجه إلى آفاق أرحب من التميز والإنتاجية.
إن وزارة الصحة هي الشريك الأهم للإنسان في رحلته الحياتية، فهي بوابة قدومه الأولى للحياة عبر أحد مشافيها المختلفة، وله معها عبر مراحله العمرية المختلفة محطات تجارب علاجية ليستشفي من مرض عضال أو عارض صحي بسيط، وعندما تحين المغادرة من الحياة تكون ثلاجات المشافي الصحية آخر محطة لهذا الإنسان في الدنيا، بل إن شهادة مغادرته لا تعتمده كمتوفى إلا بعد أن تدمغ بختم مرفق صحي يعلن رسميا رحيل هذا الإنسان من الدنيا الفانية.
وللإعلام مع الصحة مسيرة ووقفات، فالصحة ومناشطها المختلفة تعد السبق الصحفي الذي يحتفى به، نظرا لكون الصحة وأخبارها المداد الأكثر والأعظم الذي يجلل متن وهوامش حراكات إعلامنا، فالصحة هي الهامش الأكبر لمزاولة حرية الطرح، والتفنن في تلقف أخبارها أحيانا واختلاقها في أحايين كثيرة يعد السبق الذي تتسابق الصحف خاصة والإعلام عامة إلى الفوز به وتقديمه كوجبة خبرية مكتملة المقادير.
أما العاملون فيها وعليها، فهم خليط من تخصصات شتى، وجنسيات أكثر شتاتا، وتعددية أكثر تباينا على مستوى المفاهيم والرؤى والطبائع الإنسانية، وهذا كان له انعكاساته الدائمة على الأداء وحالة الرضى بين العاملين والمستفيدين على السواء.
وزارة الصحة اليوم تعيش الحدث المفصلي الأكثر أهمية في تاريخها المديد، فحراكات التغيير والتحسين شواهدها كثيرة، والنقلة النوعية لأساليب العمل والعاملين والخدمة ذاتها، أصبحت وشيكة.
المتفائلون يرون في عادل فقيه، الامتداد الطبيعي لشخصية وتجربة القصيبي الوزارية، والتي ما زالت شواهد نجاحاتها وتميزها شاخصة في الذاكرة، أما المراهنون على نجاحه مسبقا، فيرون فيه الإصدار المعدل والجديد لتجربة القصيبي الإدارية الناجحة، أما الراصدون لحراكنا التنموي المديد، المؤرشفون لكل تجلياته الإبداعية من كتاب ومفكرين وشهود عيان، فينتظرون من الفقيه إصدارا معدلا وجديدا، لحياة في الإدارة، يحكي قصة وزير آمن بالتغيير، ليكون وسيلته للتجديد وصولا بالخدمة الصحية وعامليها ومتلقيها إلى مستوى الرضى المنشود والغاية المرجوة.