بتقدير عميق تابعنا أداء وزارة الداخلية وتحركها القياسي في القبض على منفذي جريمة الدالوة في الأحساء، والقبض على المرتبطين بالجريمة رغم تباعد المسافات وكثرة الأسماء، وفوق ذلك كله الإفصاح المستمر حتى الآن عن الوقائع ونشر الأسماء ذات الصلة.
ولولا القدرة المعلوماتية المتوافرة للوزارة، ما كان تحركها بهذه السرعة وبهذا النجاح. إنه أداء يستحق التقدير والشكر.
ونقف تحية وتقديرا لأولئك الذين خرجوا من بيوتهم وأرواحهم على كفوفهم لمطاردة القتلة وحمايتنا منهم، الضباط والجنود الشباب الذين نشروا أجسادهم الربيعية بيننا وبين الرصاص الغادر، فسالت دماؤهم الزكية على هذا التراب الغالي ومن أجله، عن طيب خاطر ومن أجل معاني التضحية.
ثم قبلة على جبين شعبنا الكريم الذي أظهر تلاحما يثلج الصدر، وأظهر وعيا عاليا بما يحاك له وبمن يمكر به، وأدرك أن الجريمة ليست جريمة غايتها الإرهاب فقط، وإنما غايتها القضاء على المواطن والوطن ووحدته ومقدراته.
إننا ندرك أن المسألة ستطول، إذ إن لها ارتباطات بظروف خارجية لن تتغير من قريب، كما أن لها في الداخل أفرادا ضالين وفكرا ضالا يجد قبولا ودعما خفيا لم يعد مجهولا ولا مجحودا.
ولهذا لا يوجد أمامنا إلا خيار واحد، هو دعم التلاحم الوطني الفريد الذي أظهرته مجزرة الدالوة، بكل ما يعنيه هذا الدعم من ترسيخ مفاهيم الوحدة والوطن في نفوسنا، والإعلاء من شأنهما فوق كل اعتبار مذهبي.
على أن أهم أعمدة دعم الوحدة الوطنية وتعزيز السلم الأهلي، هو إصدار قوانين تستند إلى ما ورد في النظام الأساس للحكم حول الوحدة الوطنية، قوانين تحرّم وتجرّم كل أشكال الشحن المذهبي بأي وسيلة كانت، وتضع العقوبات الرادعة.
ولا نعرف سببا واحدا حتى الآن يجعل الجهات التشريعية وأولها مجلس الشورى تتأخر أو تتردد في إصدار مثل هذا التشريع.
الفرصة مواتية الآن أكثر من أي وقت مضى؛ ليست مواتية فقط بل ضرورية الآن، وتأخير سنّ هذه التشريعات إنما هو إسهام في الضرر.