د. جبريل حسن العريشي -عضو مجلس الشورى

مع إطلالة شمس الأول من الميزان، 23 سبتمبر من كلّ عام، تشرق علينا مناسبة غالية على قلوبنا نحن السعوديين. إنه يوم غير عاديّ، يوم أن توحّد هذا الكيان تحت راية التوحيد، بقيادة المؤسس الملك عبدالعزيز - طيّب الله ثراه - بعد كفاح دام أكثر من ثلاثين عاماً؛ لتنشأ في ذلك اليوم دولة فتيّة تزهو بتطبيق شرع الله، وسنّة نبيه، وتصدح بتعاليم الإسلام السمحة، وقيمه الإنسانية.
واليوم، ونحن نحتفل باليوم الوطني، علينا أن نتذكّر كفاح آبائنا وأجدادنا مع مؤسّس هذا الكيان الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - لتحقيق الأمن والاستقرار لأبناء الجزيرة العربية؛ فقد ضحّى آباؤنا بالغالي والنفيس، وتحمّلوا كثيراً من التحديات والصعاب حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من كرامة وحرية وتقدّم وأمن واستقرار ولله الحمد والمنّة.
في إطار هذه الذكرى لا بد من الوقوف بكلّ شفافية وصدق على الرؤية الهادفة التي تسير عليها قيادتنا الرشيدة نحو الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والإداري، التي توالى عليها أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز إلى هذا العصر الميمون، يوم أن تولّى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - مقاليد الحكم في البلاد؛ إذ تمثّل مرحلة تولّيه الحكم سنوات خالدة حافلة بالعمل الدؤوب والإنجازات الكبيرة، نسأل الله أن يحفظه لنا، وأن يمدّ في عمره.
ملك أعزّ الله به وطنه وشعبه وأمته، مثال للصفاء والنخوة والنقاء، ملك يمتلك حسّ الإنسان بأخيه الإنسان، يتلمّس حاجات شعبه الوفيّ في كلّ زاوية على أرض هذا الحمى العزيز، لا يدع مناسبةً إلا ولديه مكرمة وغوث، يجلب الخير لشعبه الوفي، ويدفع الأذى عنهم، ويعيش هموم الناس، ويبذل قصارى جهده في تحقيق الخير لهم، وتحقيق أمانيهم، ويمسح التعب عن وجوههم، ويسعى إلى إقامة العدل بينهم، والعمل على تحقيق المصالح لما فيه خير البلاد والعباد. وشمل اهتمامه - أيّده الله - بحقوق المواطن مناحي الحياة كافةً، وبرز ذلك جلياًّ من خلال التوجيهات السامية الواضحة بضرورة الاهتمام بالوطن والمواطن، ومن خلال كلماته، وتوجيهه الوزراء والأمراء بالعمل على رعاية مصالح المواطنين، وجعل ذلك من أولويات أعمالهم؛ فقد استطاع - أيده الله - أن يبني مشروعاً وطنياًّ تحميه وتؤطّره التشريعات والقوانين في بيئة إيجابية مميّزة، وتجلّى ذلك في تكاتف الراعي والرعية، الذي يترجم قربه من شعبه بعاطفة وطنية إنسانية استثنائية.
إن مكاسب التنمية التي تحقّقت - ولا تزال تتحقّق - في مختلف مجالات النشاط الاقتصادي والاجتماعي والسكاني، وما يتمتع به مجتمعنا من أمن واستقرار، لهو أكبر دليل على التعاون المثمر والثقة المتبادلة بين المجتمع والدولة.
وهنا لا بد لنا من وقفات لكي نرتّب أمورنا وأولوياتنا؛ فأولاً وقبل كلّ شيء يجب علينا أن نحبّ هذا الوطن الذي ننتمي إليه، ونفديه بكلّ ما لدينا؛ فوطننا يحتاج إلى سلوك عملي من الجميع يبرهن له عن حبّهم له، وتشبّثهم به، وذلك بالإسهام في بناء هذا البلد الغالي على قلوبنا وإعماره، وأن نتسلّح بالعلم والمعرفة؛ لأنهما أساس التقدم والنجاح للأمم كافةً.
إننا في هذا اليوم نعاهد الله، ثم المليك والوطن، أن نكون جنوداً أوفياء لهذا الكيان، وأن نقدّم الغالي والنفيس لرفعته وتقدّمه.