حكى لي صديق يعمل في التعليم عن موقف له مع تلاميذه، حينما سألهم: من يعرف طارق بن زياد، استطردوا وبدا أنهم لا يعرفون الإجابة، قبل أن يقفز أحدهم كالفارس الهمام ليقول: أعرف طارق التايب!، وبعد رفض الإجابة قفز آخر ليتساءل بكل مصداقيه: هل هو لاعب كرة قدم يا أستاذ؟!
في حكاية الأستاذ ندرك تماما أن الفكر الكروي بات مسيطرا على الجيل الشاب في المملكة، وبات تلاقيهم وتنافرهم وتحاورهم، بل تشاتمهم وتلاسنهم؛ ينبع من خلال الانتماءات المرتبطة بهذه المستديرة. بمعنى أدق نحن مجتمع كروي أكثر من أننا أي شيء آخر.
هذا الأمر، ومن فرط انتشاره، احتاج إلى قيادات فكرية ومنظرين، ولا بأس ببعض الدجالين والسفراء فوق العادة لدى القنوات الخليجية، ونحمد الله أننا رغم اتساع الأمر وسيطرته على كل شيء في ظل دخوله أيضا في الدين والذمم والحب والكره، حتى تمني موت الآخر وزواله؛ نقول ومع ذلك الارتقاء الكروي مشاهدة وتعاطيا وفكرا احتجنا إلى فقهاء كرويين يدلوننا على مواطن الخير فيها كما هي جوانب السيئات، ويا الله تكاثروا حتى باتوا أكثر من لاعبي الكرة، يفتون ويقررون، ولا أفضل من ذلك وسط الاهتمام الكبير بما يقولونه.
نحمد الله الذي منحنا تشريعا فقهيا لكرة القدم لم يبلغه بلاتر ولا جوقته، مما جعلنا لا نكتفي بقانون اللعبة بل بقانون كيفية التعامل معها، ولا بأس من بعض الحلال والحرام وتبيانها للرعاع المساكين المندفعين.
ما نتمناه أن يسعدنا فقهاء كرة القدم بالنظر في مسألة حيوية تحتاج إلى إجماع بالرأي من لدنهم، لأنه لا رأي منفردا سيحكمها، لا سيما وأننا متنافرون ولكل منا شيخه، ولكل شيخ طريقته، هذه المسألة تخص الكذب الفاضح والسقوط الممجوج لمندوبينا في الحوارات التلفزيونية، حتى إن من بينهم من بلغ كذبهم أن الآخرين من الخليجيين والعرب باتوا يجدون فيهم الرجل الأحمق الذي يضحكهم بسوء كلامه ومنطقه بين الفينة والأخرى.
نحتاج من فقهائنا الكرويين الكرام أن يدرسوا الأمر جيدا قبل أن يطلقوا أحكامهم، فالأمر لم يعد جدليا باهتا، بل مصيريا مفشلا، جعلنا نخجل من الآخرين، خاصة في زمننا الجاري وبين ضيوفنا من دول الخليج، لأن بعض السعوديين ممن ينتمون إلى الحوار قد جلبوا ليقوموا بدور الأراجوز الذي يثير الضحك عليه من فرط غبائه وهزله.
أفتوا في ذلك رحمكم الله، فقد أصبحت التلفزيونات كالعار على النقد والإعلام السعودي، ولنا أن نتخيل أن الحدث بطولة خليج، وحديث مندوبينا عن كرههم وعدائيتهم فيما بينهم، واحتفاليتهم بالخسائر والمحن التي تصيب المنافس، نأمل منكم أن تضعوا حدا بين المقبول والمرفوض، بينوا للجماهير هوية التافهين، لأنكم إن فعلتم ستعطون البعد العقائدي للأمر مما سيجعل المشاهدين يتجنبونهم.
أحسب يا فقهاءنا الكرويين، أن هذه أهم مسألة في تبيان الفاسدين التافهين، الذين أضحكوا الخليجيين علينا حتى بتنا نستجدي فقهكم وورعكم وسعة علمكم بكرتنا لينقذنا.. فافعلوا وفقكم الله!