في جريمة الدالوة، هناك الكثير من الشهداء والمصابين التي تلقفتهم أيدي الأحبة من هنا وهناك، فمنهم من صعد إلى ربه راضيا مرضيا، ومنهم من أنقذته العناية الإلهية ليتماثل للشفاء، رغم جروح القلب. وكثير من الضحايا لاذوا بالأبواب والجدران يختبئون خلفها، يراقبون أقاربهم يتساقطون، يتأملون الموت وهو يباغت الآمنين، يدققون في آخر ملامح الحياة على وجوه الراقدين. بعد انجلاء الغبرة، حمل المسعفون الضحايا المرملين على الأرض، ونسوا المختبئين.
عندما تسللت إلى تفاصيل حكايات الأمهات نساء الدالوة اكتشفت المزيد من الضحايا، وجلّهم من الأطفال، بعضهم فقد القدرة على الكلام، من هول الموقف، بعضهم الآخر لم يتمكن من الانتظام في فصله الدراسي وبجانبه كرسي شاغر، لا يرغب أحد في الجلوس به، لأنه يخص زميلهم الشهيد، والشهداء أحياء لا يموتون، فلربما عاد زميلهم يوما. وأتوغل أكثر، الشباب الأكبر سنا، يعانون من الاكتئاب وعدم القدرة على التعاطي مع من حولهم، إنهم يشعرون بعبثية الحياة، بعد أن رأوا ملامحها تتلاشى ببساطة أمام أنظارهم. أطفال القرية الأبرياء، باتت نظراتهم تتفحص بريبة كل قادم إلى القرية، والخوف يعبث بقلوبهم، الضحايا الصامتون، يحتاجون إلى من يمد لهم يد العون.