عالمنا يحترق ويذوب، والكثير من أعدائنا يتابعون المشهد بتصفيق، والمؤلم أن أشدهم وطأة علينا أبناء تحولوا إلى أداة ينفذون خطط غيرهم بغباء، فيفعلون كل ما هو في صالح أعدائنا من نشر الفتن في بلاد المسلمين وترويع الآمنين

أحتاج إلى راحة.. نحن جميعا نحتاج إلى راحة.. ففي ظل هذا الزخم الإعلامي المتشنج نحتاج لراحة طويلة تمتد لأسابيع.. بل لأكثر من ذلك، ولسنوات كنت أقول: إني كالصبار أحيا بشموخ وبالقليل القليل من الماء، كالصبار أنتج الزهور وقد أنتج الثمار.. كالصبار أبقى صامدة في كافة الظروف.
ولكني اليوم أشعر بأن قواي بدأت تهتز.. بدأت أتعب.. بدأت أتراجع.. فتوجهت لمعالجة الأمر.. في البداية عمدت لدراسة أسباب هذا التغيير المفاجئ، فوجدت أن الحراك السياسي والداخلي لدول الجوار أحد أهم الأسباب المقلقة لي، فعقدت العزم على تخصيص فترات لمتابعة الأخبار بدل الجلوس أمام نشرات الأخبار لساعات طوال .. ولكن حالي وبعد عدة أشهر من التزامي بهذا المنوال لم تتغير.. فقررت ألا أشاهد الأخبار المصورة.. بل أطالعها وبشكل يومي عبر الصحف الورقية والإلكترونية.. لعل عيني تستريح فأنام قريرة العين.. ولكن بقيت لا أنام إلا وهمي يلازمني، ولا أستيقظ إلا وهو يرافقني .. عندها قررت ألا أشاهد الأخبار ولا أتابعها إلا بشكل أسبوعي.. ولكنني لم أتمكن من إيقاف ما يثار حولي من هنا وهناك.. وهو ما لم أستطع إيقافه.. فمن هم حولي يسعون بدورهم إلى الفضفضة معي أو مع غيري.. بمعنى آخر؛ يريدون الفضفضة حتى أمام المرآة لو لم يجدوا أحدا أمامهم..
لقد بدأت النيران منذ أعوام تشتعل في دول الجوار وبالذات في الغرب والجنوب.. وفي غيرهما من العالم العربي والإسلامي .. كنت أقول حينها: لن يكون الأمر أسوأ مما هو.. كنت أحدث نفسي أن الليل لا بد أن ينتهي، ولا بد للشمس أن تشرق.. طال الأمد أو قصر، كنت أمني نفسي بالسكينة والهدوء.
كنت أتوجه لأسرتي لعلي أجد السلام النفسي لأجد بعضا من أفرادها يقحمني رغما مني في متاهات السياسة الغائرة في عالم غيبي لا يعلم مداه إلا الله سبحانه.. ليوقفني مجبرة غير مخيره إمام نفوس ادعت أنها حمامات سلام في حين هي غربان سوداء تقتات على الجيف.. نفوس تريد إنهاء أحلام شبابنا بمستقبل واعد.
في خضم هذا كله كان طبيعيا أن أحمل الهم كغيري.. كان طبيعيا أن أحمل كل من حولي مواطنين وغير موطنين واجب دفع هذه الشرور سرا وعلنا...أن أطالب بالتوجه إلى ربنا الله سبحانه الكريم الوهاب الرحمن الرحيم بالدعاء أن يحفظ وطننا حكومة وشعبا وأوطان المسلمين من شرور هؤلاء البغاة.
الحقيقة لم يخطر ببالي أني لأحمي نفسي من العراك الأممي لبني يعرب.. لا بد أن أعزلها عن تلك الأجهزة التي تصر على أن تدخلني في صراعات أفراد اختاروا أن يكونوا أحفاد قابيل.. لم يكن يخطر ببالي أن من حولي ـ مع احترامهم لاختياري ـ لن يستوعبوا مسببات هذا الاختيار، لم يخطر ببالي أن أسمع إحداهن تقول: الأمر قد يكون صعبا علينا ولكنه عليك ـ دون شك ـ أشد وأقسى..!
إن عالمنا يحترق ويذوب، وإن الكثير من أعدائنا يتابعون المشهد إما بلا مبالاة، أو بسخرية، أو بتصفيق من وراء جدران، والمؤلم أن أشدهم علينا وطأة هم أولئك الأبناء الذي تحولوا إلى أداة ينفذون خطط غيرهم بغباء، فيعمدون إلى فعل كل ما هو في صالح أعدائنا من نشر الفتن في بلاد المسلمين وترويع الآمنين المستأمنين.. ويصدقون إنهم يحسنون صنعا..
أحمد الله سبحانه أن في حياتي من ينزعني من هذا المحيط الملتهب ، فيجلسني على واحة خضراء تحيط بها أزهار يانعة تتمايل فتثير رحيقا نافذا فيمن حولها.. طالباتي لا يعرفن اليأس والقنوط أعاذنا الله منهما.. يخططن لحياتهن بكل تفاؤل.. الحديث إليهن والسماع منهن أمران مبهجان سواء اتفقت معهن أو اختلفت، أما طالباتي المتوجهات لمكتبي المخصص لي في الجامعة.. يأتين راغبات فيشعرنني بالتفاؤل بغد أفضل بإذن الله تعالى، ومع أنهن يناقشن كافة القضايا حتى السلبية منها ، فإنهن يمددني بشحنات إيجابية تجعلني أدمن على انتظارهن حفظهن الله.. وأدعو ربي الكريم المنان لهن بغد ينعمن فيه بالأمن والأمان والازدهار.في ظل حكومتنا التي جعلت من رعاية فئة الشباب بنين وبنات أولوية لها، فسخرت كل إمكانياتها لتطورهم وتحفظهم ساعية لتمهيد الطريق أمامهم.. لتكون حياتهم بإذن الله تعالى منتجة فاعلة هانئة.
اللهم ربي احفظ بلادنا وبلاد المسلمين ورد كيد أعدائنا في نحورهم،وبارك في أبنائنا وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه،‏ وسدد خطانا وخطاهم لكل خير أنك ولي ذلك والقادر.