العقلية التي تنطلق منها بدرية البشر، نعدّها منارة في الفكر والأدب كمحبين، وكما نعرف عنها أنها حين تقدم النقد فإنها تتقبله، وما قد يحدث على الهامش أحيانا أن تأتي بعض الآراء التي تتموضع قسرا في ميزان التقييم، وبشكل ناجم عن أزمة فكرية، إلى الدرجة التي يُنتقد فيها البرنامج بأسلوب تجريدي للشخصية التي تقدمه أو بمحاولة للنيل منها فيما ظهر، وكان هذا مما كتب على هامش المقالات هذا الأسبوع، وفيما كتبته إحدى الزميلات في مقال لها عن بدرية وبرنامجها، فهي لم تجد سبيلا لنقد الفكرة التي يقدم من خلالها البرنامج وهي المساحة المتاحة لها ولغيرها في النقد، واتضح أن مشكلتها ستجد حلا فيما لو تغير مقدم البرنامج، مع وضوح جهدها الحثيث في تجميع بعض الأسماء الذكورية واقتراحها، إذ إن الأمر لم يظهر منه في تفسير البعض سوى الغيرة، إضافة إلى جذب كمية من الآراء وإثارتها بشكل يشجع على التقيد بالرجعية والالتزام بالتقاليد في رأيي الشخصي.
فكرة البرنامج في محتواها انطلقت من الطريقة النقدية التي وجدت قبولا شعبيا واسعا لدى شباب الإعلام الجديد، وقدمت من قبلهم بشكل ساخر، والتي تقتضي التقاطات معينة لمجموعة من الأحداث بهدف التعليق عليها، وهذا ما ترتكز عليه المقالة في بعض آراء الكتاب أحيانا، إلا أن التعبير بلغة الاتصال المرئية غيرت طريقة الفهم لدى البعض، فالقارئ ليس كالمتابع للبرنامج الذي يخاطب كل الشرائح، إذ ظهر من يشعر أن مستوى الوعي الذي يقدَم ينعكس بتجهيل المجتمع، وذكاء الأفكار تقابلها محاولة لتكريس الجهل، من خلال القراءة المبسطة التي تعكس وجهة نظر محددة، ومن حيث لا توجد تفسيرات أو مبررات لنشأة القناعات التي تسود في الذهن الاجتماعي، هذا مع الثقة أن بدرية ستجد الحلقة المفقودة التي تجدد الشعور بقربها من مجتمعها ككيان إيجابي وفاعل فيه.
المحبة التي جمعت الكثيرين بالدكتورة بدرية ككاتبة، لم تجعل نظرتهم إليها تتغير كمقدمة لبرنامج، وقد عرفناها كقلم رشيق على الورق. ومن هذا الوعاء الخصب طرحت أفكارها في برنامجها بصيغة خطاب قريبة إلى فهم المتلقي، وبمحتوى يرقى إليه الوعي الاجتماعي الذي من المفترض أن يكون موجودا في الأصل، وبطبيعة الحال، فإنها لا توجد مجتمعات تخلو من الغرائب حتى الحديثة منها، ويبقى النقد هو الحل في مواجهة أي من المشكلات.