كرم الله بني آدم بالعقل السليم والبصيرة النافذة والفؤاد الألمعي.. ولولا ذلك الشرف العظيم لكان من سائر المخلوقات البهيمية تأكل وتشرب ثم تعود كما بدأت للتراب..
كرم الله بني آدم بالعقل السليم والبصيرة النافذة والفؤاد الألمعي.. ولولا ذلك الشرف العظيم لكان من سائر المخلوقات البهيمية تأكل وتشرب ثم تعود كما بدأت للتراب.. وهذا ما مكّن الإنسان بحق أن يكون خليفة للإله سبحانه وتعالى على أرضه.. وصحيح أن كل البشر يمتلكون كل تلك القدرات ولكنهم يتمايزون في درجات الإدراك .. وأحجام المواهب.. فكانت النخب التي أدركها الفناء الطبيعي محدودة الأعداد باقية بذاكرة الزمن على مر الدهور.. وفي محيطنا العربي والإسلامي لا يزال صفوة الخلق ( محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم) قمة الخالدين ومن بعده بمسافات طويلة أولئك الأقحاح من الصحابة الأجلاء والتابعين الأفذاذ .. ومنهم الخطباء والبلغاء والشعراء والرواة والمبدعون بمجالات الحياة من عصر الجاهلية إلى صدر الإسلام وما تلاه من قرون.
وعلى أرض (الطائف المأنوس) كان يقام أشهر أسواق العرب.. يرتادونه من أنحاء شبه الجزيرة قبل موسم الحج للبيع والشراء وتحكيم المعلقات والمذهبات وأوابد الإبداع الشعري والنقدي والثقافي.. في حين كان العالم خارج العروبة يعيش بظلام دامس من الجهل والتخلف.. وهاهي أسماء (النابغة والخنساء والأعشى وقس بن ساعدة وسحبان وائل وعنترة ولبيد وحسان بن ثابت) وغيرهم لا تزال تلمع في عكاظ القرن الخامس عشر الهجري تتداول الأجيال أخبارهم وتستمتع بتراثهم.. وتكون شاهدا على أصالة الأمة وجوهر معدنها.. وفي عهد الفارس العربي الملك (عبدالله بن عبدالعزيز) بما منحه الله من ذكاء وطموح وذائقة وغيرة وحرص على الصدارة في كل ما تولاه من أمور بإزاحة غبار السنين عن واحد من أمجاد السلف يعيد له وهجه وصفاءه وتألقه بنسخته الجديدة المواكبة للحضارة المعاصرة. ومنذ ثلاث سنوات والمملكة تشهد بإعجاب بروز الساحة العكاظية تتألق بنجومها وروادها من أبناء وبنات البلاد ووفودها من الأقطار المجاورة. مما يعيد لذاكرة العالم القريب والبعيد ما كان للعرب الأصلاء من أمجاد في الماضي البعيد ويفتح شرفات المستقبل لمنجزات أكبر وأجمل وأبقى.. بعون المولى جل شأنه ثم تكاتف وتعاون الجميع لما فيه خير الأمة. ومن محاسن الصدف أن يقترن سوق هذا العام بمناسبة (اليوم الوطني) الذي تحتفي به البلاد من أقصاها إلى أدناها وتتذكر أمجاد الملك المؤسس (عبدالعزيز) ورجاله الأوفياء الذين وحدوا معه الشمل وأزالوا الفرقة وأقاموا الصرح الكبير. فرحم الله أولئك الأبطال الميامين وبارك في خلفهم الصالح السائر على نهجهم لمزيد من البناء والتطوير لما فيه خير الأمة والوصول بها إلى الغايات السامية.كلمة شكر أخرى وليست أخيرة للأمير الفنان والإداري الحازم (خالد الفيصل بن عبدالعزيز) وأعوانه لما أنجزوه بـ (سوق عكاظ) في صورته المعاصرة.