من قرية الدالوة بالأحساء إلى حي المعلمين في بريدة؛ رسم المواطن السعودي الوحدة الوطنية بلون التضحية، وكتب بدمه أن وحدتنا أثمن منجزاتنا وأن شهيدي الحق انتصرا في بريدة لدماء إخوانهم في 'الدالوة'

عصابة من مجرمي الفئة الضالة قامت بمهاجمة حسينية المصطفى أول أمس في الأحساء الحبيبة نتج عنها استشهاد عدد من المواطنين الأبرياء من بينهم أطفال بعمر الزهور.
فجيعة مدينة النخيل الطيبة الوادعة الحالمة كانت فاجعة أيضا في كل جغرافيا الوطن، حزن الشعب بمختلف شرائحه لهذه الجريمة البشعة النكراء التي نفذها خوارج العصر. يشاء الله عز وجل أن يتمكن أولئك القتلة من الفرار إلى القصيم كي يختبؤوا في جحور أعدت لهم مسبقا، ولكن رجال الأمن البواسل كانوا يرصدون تحركاتهم. اكتمل عدد الإرهابيين وعرف رجال الأمن بحسهم الأمني العالي أن خيوط اللعبة قد تكاملت وحان وقت القبض عليهم وتقديم المجرمين للعدالة. بطريقة ما انتبه أولئك المجرمون إلى أن رجال الأمن يقتفون أثرهم وبدأت رحلة الهروب والمطاردة. تصدى صقور محمد بن نايف لخونة الوطن في بطولة نادرة كعادتهم، وقد أقسموا ألا تذهب دماء الأبرياء من أهلهم في واحة النخيل (الأحساء) هدرا ودون عقاب ومحاكمة عادلة.
من بين حماة الوطن كان البطل الشهيد النقيب محمد العنزي، شاب مدرب في مقتبل العمر كله حيوية وطموح ومحبة للوطن وأهله. محمد العنزي كان قد تعرض للإصابة بعدة طلقات نارية في مواجهات الرس سابقا وقد أبدى شجاعة غير مستغربة وقاتل والدماء تنزف من كل أنحاء جسده الطاهر، وزاره الأمير نايف وزير الداخلية يرحمه الله في المستشفى مشجعا ومحييا. الشهيد البطل لم تثنه تلك الإصابة في حينه عن مواجهة الإرهابيين كلما دعت الحاجة، وكان هذه المرة قد أقسم مع زملائه الصقور ألا يفلت قتلة الأحبة في الأحساء من العقاب بأي ثمن. في بريدة -حيث كانت جحور فئران الإرهاب- حصلت المواجهة وأثناء تبادل إطلاق النار استشهد النقيب محمد العنزي وزميله الشهيد العريف تركي الرشيد، فكانا بذلك من شهداء الوحدة الوطنية. استشهاد اثنين من صقور الأمن الذين لا يعدلهم ذهب الدنيا كله ضرب أروع الأمثلة في وحدة هذا الوطن المعطاء. من قرية الدالوة في الأحساء إلى حي المعلمين في بريدة؛ رسم المواطن السعودي الوحدة الوطنية بلون التضحية وكتب بدمه أن وحدتنا الوطنية أثمن منجزاتنا وأن شهيدي الوحدة الوطنية النقيب المجاهد محمد العنزي والعريف تركي الرشيد انتصرا في حي المعلمين ببريدة لدماء إخوانهم وأبنائهم في الدالوة. صدقوا ما عاهدوا الله عليه من تقديم المجرمين للعدالة ثأرا لأحبتهم وأبناء وطنهم.
المثقفون والأدباء استنكروا هذه الجريمة التي لا يخفى على القارئ الكريم القصد منها، وأصدرنا بيانا مشتركا سنة وشيعة ومن كل طوائف الوطن تلاه الصديق الدكتور معجب العدواني أستاذ النقد بجامعة الملك سعود، وقع عليه العشرات من الفاعلين في المشهد. انقلب السحر على الساحر ورب ضارة نافعة، فقد أثبت السعوديون النبلاء للعالم أجمع أنهم جسد واحد إذا قتل منه عضو في الأحساء تداعى له سائر الأعضاء لتتبع القتلة في بريدة ومن ثم محاصرتهم وتقديمهم للعدالة. اندحر الإرهابيون خوارج العصر وانتصر الوطن وانتصرت الوحدة الوطنية، باءت خطط الضالين المضلين بالفشل وكانت دماء محمد وتركي وأحبتهم في الأحساء شاهدا على عظمة هذه الأمة السعودية المجيدة، وإن للحق صولة وجولة.
متى يفهم هؤلاء الإرهابيون القتلة أن الجسد السعودي واحد وأن المواطنين السعوديين نسيج واحد وأن جرائمهم هذه تزيد وحدتنا قوة وتماسكا وصلابة، وأن الطائفية لم ولن يكون لها وجود في مجتمع التسامح والفضائل في وجدان شعب يرى لكل فرد من أفراده أنه جزء مهم وأصيل في محبة ووحدة يعيش يومياتها بصفاء ونقاء. رحمكم الله أيها الأحبة الشهداء في واحة النخيل والأقارب وأبناء العمومة في بريدة، بكيناكم وتأثرنا بما حصل لكم في الدالوة حيث لا ذنب لكم، وأدمى قلوبنا قتل تركي ومحمد اللذين بكيناهما دما، لكن.. عزاؤنا أن أحبتكم استشهدوا وهم يثأرون لكم لتقديم المجرمين لساحة العدل. عزاؤنا أن الأسود استشهدوا وهم يكرون ولا يفرون في معركة الوحدة الوطنية وقد حصل المراد وتم القبض على الخوارج ومعرفة كل التفاصيل.
بين الأحساء وبريدة ملحمة الوحدة الوطنية، ورغم الحزن والدموع أقول إنه عرس للوطن، عروسه الوحدة الوطنية ومهرها دم النشامى الغالين، وموسيقاه العدل وحفظ أمن الوطن. حضور وزير الداخلية حاملا تعازي رأس الدولة وولي عهده وحبيب الشعب مقرن خفف المصاب عن أهل الشهداء في بريدة. وتعازي أمير الشرقية ونائبه وصلاته على شهداء الأحساء خففا المصاب أيضا. لله دركم أيها الشعب العظيم والأمة الوحدوية، لتمضي قافلة الوطن تجاه البناء والتعمير وكلاب الخوراج تنبح. اللهم نسألك يا كريم يا عظيم يا رحيم أن تحفظ مملكتنا الغالية وأن تديم وحدتنا الوطنية وأن تدحر الخوارج ومن ساندهم، اللهم اجعل كيدهم في نحورهم ونسألك رد شرورهم.
سيبقى هذا الوطن الحبيب دوحة للأمن والأمان تجبى إليه خيرات كل شيء، يعيش أهله الطيبون في سلم وسلام، تتحطم على صخرة وحدتهم مكائد الأعداء بعز عزيز وذل ذليل.