كثيراً ما نحتاج أن يكون التفكير بصوتٍ مسموع، خاصة حين يتعلق بشأن الوطن.. وكان ذلك دون تنسيق بعد جريمة الأحساء التي راح ضحيتها مواطنون ورجال أمن، قبل ضبط المجرمين وبعد الإيقاع بهم في إنجاز أمني نفاخر به.
ربما نحن نجني اليوم شيئا من ثمار الوعي، بدليل أن صوت العقل وصور التلاحم كانت أكثر بكثير من الأصوات النشاز، لذلك لم يكن المشاركون في اللقاء الوطني العاشر للحوار الوطني بمنطقة الحدود الشمالية تحت عنوان التطرف، بحاجة للتأكيد على التلاحم الوطني، ونبذ التطرف بكل أشكاله وصوره.
بدأت أمس طاولة الحوار الوطني العاشر تدور المناطق؛ ليكون التفكير حواراً بصوتٍ مسموع، وبدأت من مدينة عرعر، وستطوف أرجاء الوطن ليتقابل الجميع على طاولة الحوار، وليسمع الوطن صوت المواطن.
في أولى جلسات اللقاء الوطني العاشر للحوار الوطني، اعترف أمين مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل بن معمر بشجاعة وصراحة أن الحوارات السابقة قصرت في دعوة أبناء الشمال، وقال: هذا الحوار العاشر يبدأ من الشمال ليكون اعتذاراً للشمال.
.. وهنا شيء من التساؤلات والملاحظات عن التطرف:
- هل التطرف لفظ مشكل، إلى درجة أننا نطالب بتعريف دقيق له، قبل محاربته..؟ وهل يوجد تعريف يستطيع الإلمام بكل أوجه التطرف التي تنمو وتكبر مع كل تجاهل لها؟
- ربما السؤال المهم في موضوع التطرف هو: من يغذي التطرف فكرياً؟ لكن السؤال الأهم هو: لماذا لدى بعضنا قابلية لتبني الأفكار المتطرفة من مغذيه بكل يسر وسهولة ودون مقاومة؟
- ألا تعتقدون أننا نتعامل -أحياناً- مع قضية التطرف بشيء من التطرف، وألا تعتقدون أن لذلك يدا في زيادة تطرف المتطرف..؟
- البعض يناقش التطرف بتطرف مماثل، ويحاور المتطرف بإقصاء، بينما حتى المتطرف لا يظن نفسه متطرفاً، وربما يعتبر محاوره متطرفا؛ لذلك لن تكون بينهما نقاط تلاق، ولا محاور اتفاق.. فكل شخص يسير في طريق البحث عن انتصار على الآخر، وليس البحث عن الحقيقة كما هو المفترض في الحوارات!
- لم تكن هناك حاجة إلى تحديد صورة التطرف؛ لأن أفعال المتطرفين أصبحت ظاهرة للعيان ولا يجهلها أحد.. لكن من يقنع المتطرف بأنه متطرف..؟!
(بين قوسين)
محاربة التطرف المبكرة ميدانها إلكتروني، وليس المدارس والمنابر والمنازل، لأن التطرف لا ينمو في الضوء.. بل في الظلام.