أكثر ما أضر كرة القدم السعودية هو المبالغة في كل شيء سلبا وإيجابا بحيث نبالغ في ذكر إيجابياتنا حتى نعتقد أننا الوحيدون في العالم (الصح) ونبالغ في تقزيم سلبياتنا حتى نعتقد أننا بلا سلبيات.
هذه حقيقة نعيشها يوميا في كل شؤون وشجون كرة القدم السعودية على مستوى الأندية والمنتخبات، وأصبحنا نضخم كثيرا من التوافه ونجعلها من الأساسيات والعكس صحيح مما أوصلنا إلى ما نحن فيه من سوء إداري وتنظيمي وفني.
المنتخب يتقدم في التصنيف الشهري للفيفا عدة درجات ثم نبدأ بالحديث عن الإدارة الحكيمة للمنتخب والمدرب الخارق والخطط الفنية العالمية التي أوصلتنا لما نحن فيه من مركز، وعندما يتراجع المنتخب نبدأ بالحديث عن لاعب تأخر ومدرب أقام معسكرا في غير وقته، وإدارة ضائعة في الطوشة، بالرغم من أن هذا التصنيف متحرك حسب نوعية وقوة المباريات التي تحدث خلال الشهر الواحد، وقد تتقدم أو تتأخر وأنت لم تلعب أي مباراة أصلا، ولا يعتبر مقياس نجاح أو فشل للخطط العامة للعبة.
في السبعينات وبداية الثمانينات الميلادية كنا نعسكر في البرازيل شهرين وثلاثة لدورة الخليج ثم نحقق المركز الرابع أو الخامس، بينما تأهلنا لأولمبياد لوس أنجليس عام 1984 بعد أن أبعدنا ماريو زاجالو من تدريب المنتخب قبل التصفيات بأسبوعين وانتقلنا مع الزياني من ثالث دورة الخليج السابعة إلى قمة المجد الآسيوي!
أنديتنا للأسف أصبحت ضمن دائرة التضخيم والنفخ الزائد الذي أدى إلى ابتعادها عن تحقيق البطولة القارية لأكثر من عشر سنوات بينما بعض الأندية الآسيوية شاركت بالصف الثاني وبعدد 14 لاعبا ويحضرون قبل المباراة بيومين إلى ثلاثة وبدون طائرات خاصة وبدون ضجيج إعلامي وبدون تقديم وتأجيل مبالغ فيه في جداول المسابقات المحلية مما يربك انسيابية المسابقات وعدم منح فرص متساوية للجميع، فالفريق القوي اليوم قد يصبح ضعيفا مستقبلا وتتم الاستفادة من التأجيل أو التقديم.
إن أخطر شيء على كرة القدم هو دخلاء اللعبة الذين لهم مصالح وقتية ومنافع شخصية، حضروا من الشباك أو السطوح إلى هذا المجال دون دراية أو علم أو خبرة ميدانية، وإنني أستغرب وجود أعضاء سعوديين في الاتحادات القارية والدولية لم يعملوا في الأندية ولم يتخرجوا منها كلاعبين أو مدربين أو إداريين وكيف سيناقشون الآخرين وهم جهلة لا يعرفون أي شيء لأن من رأى ليس كمن سمع.
وهؤلاء القوم وصلوا إلى هذا الميدان بواسطة صديق أو بسبب ميول فقط لا غير وهم يعرفون ذلك جيدا.
أحترم أي اسم سعودي عمل في الأندية ثم انتقل إلى الاتحاد المحلي ثم القاري والدولي هذا تسلسل طبيعي وثراء معرفي بخفايا وصعوبات اللعبة الشعبية الأولى بشكل تدريجي، ولذلك استمعوا لمن عملوا في الأندية واستمعوا لمن هبطوا بالبراشوت عندما يتحدثون في القنوات الفضائية وسوف تلاحظون الفرق الكبير في الطرح والرؤية والأسباب والحلول والمعالجة.