الوزير دائما هو من يدفع ثمن تقصير وزارته، بمعنى أن فشله في التصدي للمشاكل والإخفاقات أو عدم تحقيق نتائج أو توفير نجاحات؛ يعني تركه لمنصبه فورا. هذا ما علمناه عن الدول المتقدمة ذات المعايير الحقيقية في العمل والتعامل والمناصب والمسؤوليات.
لدينا قد يكون الأمر مختلفا، فبقدر ما تخطئ وتجر وزارتك إلى الويلات والإخفاقات، تكون أكثر خبرة وقدرة على الصمود ومتابعة العمل، وفي ذلك فلنقرأ حال إحدى وزاراتنا الموقرة، وكيف أن العمل بها ما زال غير مكتمل الخدمات.
وزارة الصحة هي المثال الحي على ضعف المردود للمواطن، حتى باتت الخدمات الصحية تُستجدى استجداء، ناهيك عن أن ما يصرفه أهل هذه البلاد من أموال على علاجهم خارجيا جدير بأن يحقق كل الخدمات والمستشفيات التي نريدها، لكن ما باليد حيلة، فتكرار تغيير وزراء الصحة جعلنا نجزم أن أمر الوزارة خاص بعدم القدرة على التصدي للأمراض الوبائية كما هو كورونا، وأي تطوير آخر مع رقي في الخدمات وتوسع في المستشفيات فذلك شأن فيه نظر!
الأمر ليس شأنا واحدا فقط وإهمال كل ما سواه، على الوزير أن يتنبه إلى الحاجة الملحة التي باتت البلاد تعاني منها: ضعف في الكوادر والخدمات المقدمة، شكوى من العلاج والمخرجات، ولا أحسب أن وضع اللوم كله على الممرضات السعوديات في الطائف جدير بأن يعفي الوزير ومساعديه في المنطقة، وهل سأل من حوله عن سبب إهمالهن؟ أليس لضعف الرقابة والتقويم دور؟ ولماذا لم يكن العقاب لكبار مسؤولي صحة الطائف؟ ولماذا لا يطال الوزير نفسه، أم أننا تعودنا على أن يدفع الضعيف الثمن؟!
الصحة لدينا عليلة مريضة، تحتاج إلى من يأتيها من بوابتها.. المطلع على الخدمات الضعيفة في المناطق غير الكبيرة، المدرك لأسباب بحث السعوديين عن العلاج خارجيا، القادر على الارتقاء بها من الأسفل إلى الأعلى، يطورها يرتقي بخدماتها، بحسن الإدارة والعمل، يعيد ترتيبها ويضبطها، وأجزم أنه لن يجد بعد ذلك ممرضات سعوديات مهملات؟!
تقديم الخدمات الطبية المناسبة ليس فيه منّة من أحد، فهو حق مستحق لأهل هذه البلاد، الذين يتمنون أيضا أن يتجاوزوا الاستجداء بالعلاج، والخضوع للأوامر بتلقيه.. دورك يا وزير الصحة أن تصلح هذا الشأن المهم، حتى لو بإصلاح الهيكلة كاملة، لا أن يكون همك وفعلك ومنتهى عملك ملاحقة كورونا فقط، مع إيماننا أنه جزء من مهمتك، لكننا حسبناه من كثرة حضورك خلاله ونسيان غيره أنه الهم الوحيد الذي حضرت لأجله، والأساس في شخصيتك كوزير للصحة!