هي ضمائر منفصلة عن الكلمات التي ترافقها في كل جملة ولذلك تسمى ضمائر منفصلة.
ولكن هناك ضمائر منفصلة عن واقعها، تعطلت كافة حواسها، لا ترى إلا من خلال إحداثيات زاوية ضيقة جداً رسمتها هي، وفق خارطة طريق مصالحها الآنية.
الضمير المنفصل ذاك الذي أكل من خير وطنه، وتنفس نسائمه، واستحم بشمسه فطردت كساحه، وفي أول كسب استفاد منه؛ طعن المكان وذاته في المرايا، وباع ذاكرته وحكايات أهله.
ذلك الذي يرتهن للغريب ليطعن أهله.. الذي يعبث بأساس بيته ليهدمه خدمة لحاقد أو عدو.
الضمير المنفصل ذاك الذي أغوته وسائل التواصل الاجتماعي ونوافذ الفضائيات، ليغرد دون دراية أو ما ليس له به علم، وتغريده موجه ومأجور، خطته أقلام الظلاميين المتربصين بوطنه، ليتحول من خلال عقدة النقص التي تحتله لبوم ينعق وينذر بخراب بيته الصغير والكبير في آن واحد، وليكون بوقاً موجهاً عن بعد بجهاز تحكم لقاء فُتات يقتات به، جرّاء زرع بذور التفرقة في وطنه.
الضمير المنفصل لا يتعظ من التاريخ وعبره ودروسه.. وأنا أخط نشرتي هذه يتزاحم على بوابة ذاكرتي موقفان: الأول يحكي قصة وصفات الخائن الذي رفض نابليون مصافحته لخيانة بلاده، وقول نابليون: يد الإمبراطور لا تصافح رجلاً خان وطنه، ورمى له صرة تمثل ثمن خيانته.
والثاني قول ابن الرومي: يا أرض ابلعيني، ولن أستطيع أن أعيش فوقك، وأخدعك وأخونك.
أيها الضمير المنفصل أوردت حكمتين من دفاتر الماضي عن أناس لبسوا نفس وجهك المشوه بخزي الخيانة، وكيف وصفوا بلساني نابليون وابن الرومي.. مع فارق الزمان والمكان.