حين تحث ابنك الصغير على العطاء بشراء الـ'فيشة' الخيرية للمطعم، وحين تمدح زوجتك أو صديقك الذي يتناول الطعام معك في المطعم، عندما يشتري 'فيشة رفد'، تكون بهذا قد حفزت الجانب الإنساني فيه

بيت العرب، مجلس أدبي ثقافي افتراضي على برنامج وتس أب. أنشأته منذ عامين ليكون نافذة إنترنتية، يتواصل عبرها الفاعلون في المشهد على مدار الساعة، كل حسب وقته وظروفه الخاصة.
على غراره هناك عدد من تلك القروبات تجمع في كل منها، قرابة الخمسين من: الأدباء، والمثقفين، وأعضاء الشورى، وكتاب الصحف، والإعلاميين، والشعراء، والفنانين، وأساتذة الجامعات. والعامل المشترك أن الكل أصدقاء.
رقية الرميح، إحدى السيدات المستنيرات، تحمل قلبا طيبا ومحباًّ للخير ووجدانا يميز إنسانيتها، تعودت على العطاء والتفكير في كل ما من شأنه مساعدة الإنسان. يساندها ويساعدها ويقف إلى جانبها في كل محفل زوج رائع محب أعده الأخ الأكبر كما هي أختي الكبرى، حين قدمتني إليه ذات مساء بطل العجب، فقد عرفت السبب حين رأيت استنارته وعمق فكره ومحبته لوطنه ورقي أخلاقه. الأمير سعود بن محمد آل سعود مدير عام الأندية الأدبية السابق، عضو أيضا في بيت العرب، ولا يختلف كثيرا عن رقية وزوجها محمد العماري فيما ذكرت عنهما سابقا.
في بيت العرب، بدأ الحديث عن فكرة نساعد بها الفقير المحتاج إلى الطعام، ونسهم في إطعام من لا يملك المال، ولا يستطيع شراء الأكل، وكيف نصل إلى ضمانة ذلك له. حماسنا نحن الثلاثة للإفادة من عطاء الأمة السعودية الكريمة، وشعبها النبيل كان يدفعنا لمزيد من التفكير في وسيلة ناجعة لنرى مشروعنا الخيري واقعا معاشا.
الشعب السعودي العربي المسلم معطاء بطبعه، وسخي، ومحب للخير حين يجد من يرشده لفعله، وقد خرجت من هذا الشعب مليارات الدولارات مساعدات إنسانية من جيب المواطن البسيط العادي، فضلا عن المستنير، تنشر التكافل والمحبة والمساندة للإنسان دون تمييز.
تواصلنا بشكل أكبر وأكثر خارج مجلسنا الافتراضي وبدأنا نفكر، وفي بيت رقية حين استضافتني والأمير سعود بدأنا نضع النقاط فوق الحروف لمشروعنا رِفد. شاركنا أبو هشام المحب للخير ومساعدة المحتاج المتعفف بما حباه الله من إيمان بكرم الإنسان السعودي في المشاركة في كل مشروع للخير، وتقديم العون للبائس الفقير من باب: الأقربون أولى بالمعروف.
فكرتنا كانت عبارة عن التواصل مع أصحاب المطاعم على مستوى المملكة، وإقناعهم بتبني مشروع رفد، وصاحب المطعم تاجر يريد الربح ومزيدا من المال ورفد يوفر له ما يريد، وفي الوقت ذاته يمكّن الفقير والمحتاج من الأكل مجانا مع حفظ كرامته ودون منه.
لُب الفكرة وركيزتها الرئيسة حب السعودي للبذل والعطاء، وتتلخص في أن يدفع الشخص حين يذهب للمطعم قيمة وجبة أكل إضافية بأي مبلغ يختاره حسب رغبته، ويمنحه صاحب المطعم فيشة يضعها في مكان مخصص مقابل ذلك المال. يأتي شخص فقير بعد ذلك ويستخدم تلك الفيشة مقابل ما يحصل عليه من طعام، وتصبح تلك الفيشة ذات قيمة مادية تغطي قيمة وجبته، وبإمكان الميسور حين يذهب للأكل في المطعم أن يدفع قيمة أفياش كما يشاء.
حين يذهب الشخص للمطعم، ويطلب الأكل، يقدم له النادل برنامج رفد في بروشور صغير، يتحدث عن الفكرة، ويحث على البذل لإطعام الفقير، ولن يتردد المعطاء في التبرع ولو بـفيشة واحدة، ليأخذها ـ بعد ذلك ـ ويضعها في المكان المخصص لـأفياش الإطعام في مكان بارز في المطعم.
دور الإعلام هو التبشير بـرفد وحث الناس عليه، ودورنا أن نعود أولادنا ومن نحب على العطاء والبذل؛ من أجل ترسيخ فكرة التكافل والمساعدة، ودور المطعم أن يقدم رفد لرواده بطريقة لبقة.
حين تحث ابنك الصغير على العطاء بشراء فيشة المطعم، وحين تمدح زوجتك أو صديقك الذي يتناول الطعام معك في المطعم، عندما يشتري فيشة رفد، تكون بهذا قد حفزت الجانب الإنساني فيه.
في بيت رقيه كان اجتماعنا الأول، وتكفلت بإيجاد اسم لهذه الفكرة والمشروع، وها هو أعنون به مقالي في الوطن، اتفقت ورقية وسعود، على أن نبدأ في التسويق لرفد في وسائل الإعلام وكلي ثقة بزميلاتي وزملائي وأصدقائي مقدمي البرامج الشهيرة في قنوات التلفزيون أن يمنحوا لرواد رفد الوقت والفرصة لتصل الفكرة لكل سعودي.
الجمعيات الخيرية التي تواصلت معها رقية، تكفلت بإيصال خبر رفد لكل محتاج، وكلي ثقة في زميلاتي وزملائي كتاب الصحف والعاملين فيها بتخصيص جزء من مقالاتهم وتحقيقاتهم الصحفية لمزيد من إيصال لرفد لكل أرجاء الوطن. بحكم أن سعود يسكن بجوار جامعة الملك سعود، قال إنه يعرف أن كثيرا من الطلاب ينفد ما لديهم من مال أحيانا في منتصف الشهر، بحكم أن المكافأة لا تكفي الحاجة، فبالإمكان أيضا أن يستفيدوا من برنامج رفد، ويستخدموا أفياش المطاعم دون حرج.
سعود، وأنا تخرجنا من الجامعة ذاتها، في أوقات مختلفة، ولذلك تحمسنا كثيرا، حين تنجح فكرة رفد، في أن نتخاطب مع مسؤولي الجامعة للتسويق لرفد في أروقتها التي احتضنتنا قبل أن تحتضننا الجامعات الأميركية بعد ذلك.
من هنا، من الوطن، التي تعنى بشؤون وشجون الوطن، أطلب منك أيها القارئ الكريم، أن تكون لسانا لـرفد في كل أنحاء الوطن.
أتمنى على كل أصحاب المطاعم الإسهام، في نشر رفد والتسويق له. فليكن شعارنا: رفد يطعم محتاجا إذن فلأكن مساهما في إطعام غير القادر، نريد لـرفد أن يكون في كل مطعم من مطاعم المملكة.
شكراً أخي وصديقي سعود بحجم نقائك ونبلك وحبك للخير، شكراً أختي رقية الرميح والعماري الكريم بحجم إنسانيتكما، وشكرا لكل من سيسهم في شراء فيشة في مطعم من أجل أن يأكل من لا يجد قيمة الطعام.