يسعى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش إلى استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لترويج أجندته في المملكة، ورفع عدد أنصاره ومؤيديه، وهو نوع من الحرب الإعلامية -بحسب خبراء- خاصة بعد أن وضعت الرياض في مارس الماضي التنظيم المذكور ضمن قوائم الإرهاب، مطالبة ببذل المزيد من الجهود الفكرية لتفنيد مزاعم الإرهاب، بوصف ذلك السلاح الأول لمحاصرة تلك الأفكار.
وزعم حساب في تويتر يدعي تخصصه في أسرار الدولة الإسلامية تحت مسمى ويكيليكس دولة البغدادي بوجود أتباع يعملون مع التنظيم داخل المملكة، وغالبيتهم في مدينتي الرياض وبريدة، مشيرا إلى مسجد في المدينة الأخيرة -تحتفظ الوطن باسمه- شكل مكانا لالتقاء الأنصار، فضلا عن اجتماعاتهم في صحراء غرب بريدة.
وحين زودته الصحيفة باسم المسجد المشار إليه، قال مدير إدارة الأوقاف والمساجد في بريدة معتق المعتق: لا أعلم شيئا عن هذا.
وكانت الداخلية السعودية قد أعلنت في وقت سابق عن إلقاء القبض على تنظيم قيد التشكيل في الداخل يهدف لإعادة إحياء تنظيم القاعدة، رصدت اتصالات لأفراده مع تنظيم داعش.
إلى ذلك، كشفت دراسة مسحية إحصائية أجرتها حملة السكينة مؤخراً عن أن 85% من الشخصيات التويترية الشهيرة ساهمت في عملية التوعية الإيجابية ضد الإرهاب والتحزب.
بدوره، حذر إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد، خلال خطبة الجمعة أمس من إشعال الحروب الطائفية والنزاعات الحزبية والصراعات الإقليمية والفتن الداخلية، وأن ذلك إرهاب من صنيعة استخبارات دولية وإقليمية، وقوده خوارج ضالون وعملاء محترفون.
حذر إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد، من الفتن التي تهدد العالم بأسره بما تحمله من خطر الإرهاب والإرهابيين وتشويه دين الإسلام وتمزيق دياره وتقطيع أوصاله من أجل المزيد من الضياع والفقر واليأس والتشريد.
وقال في خطبة الجمعة أمس بالمسجد الحرام: إن الأرض تموج بالمتغيرات في أحوال مضطربات، وتقلبات ومفاجِئات فتن يشعلها الأعداء من أجل إشغال المنطقة بإشعال الحروب الطائفية والنزاعات الحزبية والصراعات الإقليمية والفتن الداخلية.. إرهاب هو صنيعة استخبارات دولية وإقليمية يحظى بالرعاية والتسليح والتمويل، وقوده خوارج ضالون وعملاء محترفون ممن ارتهنوا أنفسهم لأعداء الدين والأمة والأوطان. وأوضح ابن حميد أنه إرهاب يكفر المجتمعات المسلمة ويستبيح الدماء المعصومة، فهذه الفتن والأحداث كشفت أوراقا وفضحت أقواما وأسقطت رموزا وأظهرت عوار الاتفاقيات والمواثيق الدولية ودعاوى السلام، مبينا أن هناك نوعين من الإرهاب؛ إرهاب هيئات ومنظمات، وإرهاب دول.
هيئات ومنظمات
وقال: أما إرهاب الهيئات والمنظمات فيأتي في مقدمة أولئك خوارج العصر الذين يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان من حدثاء الأسنان وسفهاء الأحلام وما علم هؤلاء أنهم يخدمون أعداءهم ويهدمون بيوتهم ويقضون على وحدة أمتهم ويزعزعون مجتمعاتهم ويشككون في ثوابت أمتهم وأصولها ومبادئها ومن ثم دفعها إلى التناحر والتنازع والاقتتال واستنزاف الموارد وتبديد الطاقات البشرية والمادية وإضعاف الولاء للدين والوطن والأمة. وأشار الشيخ ابن حميد إلى الصمت العالمي الرهيب على جرائم القتل والإرهاب والإبادات الجماعية في سورية والعراق وفلسطين ومناطق أخرى في مواقف مخزية محزنة لا تلوح بوادر لنهايتها، إنه استغلال للإرهاب وتوظيفه من أجل أهداف سياسية وخطط عدوانية ومصالح ضيقة، بل لا يستنكفون من الغدر بأطفال وشيوخ ونساء وعجزة ليس لهم في الحرب ولا في السياسة ورد ولا صدر، أما العدو الحقيقي اليهودي الغاصب المحتل ومن شايعه فهو في سلامة وعافية.
إرهاب الدول
وأضاف أما النوع الثاني من الإرهاب فهو إرهاب الدول، حيث يأتي العدو الصهيوني في موقع الريادة، فعدوانه وجرائمه تمثل قمة الإرهاب والعدوان على الحقوق المشروعة لإخواننا في فلسطين المحتلة من قتل للنساء والأطفال وتهديم وتدمير للمدارس والمساجد والمستشفيات؛ فإسرائيل تنتهج نهج هذه الجماعات الإرهابية فتجعل من العنف والقتل والإرهاب والتشريد طريقها لتحقيق غاياتها، فهي ترتكب المجازر وتمارس أفظع صور الإرهاب وتمتلك أسلحة الدمار الشامل.
وبين إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور صالح بن حميد أن فلسطين وغزة انتصرت لأنها كشفت عدوان العدو وإفكه وهمجيته.. فغزة صمدت بعزم وصبرت ببأس، مؤكدا أن كل من صمت عن الإرهاب في دوله أو جماعاته أو منظماته سوف يكتوي بناره.
وأكد فضيلته أنه يجب سد المنافذ على الذين يخترقون الصفوف وقال: لا يسد تلك المنافذ إلا أهل العلم والدين والبصيرة في منهج حق يوحد ولا يشتت، فينبغي فتح الصدور للعلماء والصالحين لتكون القلوب حضنا دافئا يسع الجميع وفي بطن المآسي يكون الفرج والمخرج، مبينا أن من معالم منهج السلف الصالح أهل السنة والجماعة الالتزام بمقتضى الدليل والمصلحة الشرعية في الجهاد والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومواقفهم من أهل البدع بداعي النصح لله ولرسوله ولجماعة المؤمنين وليس بداعي الانتقام والتشفي والتشهير، فهذا المنهج يستر عيوب المسلمين ولا يتتبع عوراتهم ولا يذكرون أخطاء أهل العلم إلا لبيان الحق مع لزوم الأدب وحفظ حق كل ذي حق ويلتمسون العذر ما أمكن.
وأشار إلى أن الموالاة والمعاداة في منهج أهل السنة والجماعة تكون على الحقائق، لا على الدعاوى والأسماء، فهم يفقهون معنى الجهاد فلا يفرحون لعثرات العاثرين ولا يسيؤون الظنون، فأهل السنة والجماعة متحدون في منهجهم وغاياتهم ومسلكهم، متنوعون في مقاماتهم ومنازلهم، ففيهم العالم والمجاهد ورجل الدعوة والمحتسب وكل من لم يتلبس ببدعة فهو منهم.
ودعا الشيخ ابن حميد المسلمين إلى عدم التحدث في الفتن والخوض فيها والبعد عن سفهاء الأحلام الذين يخوضون في مثل هذه الأمور، حيث يزداد خطر تلك الفتن ويعظم شرها ويستطال شررها من كثر التكلم فيها، ومن هنا حذر السلف الصالح من الخوض فيها.
إصلاح ذات البين
وفي المدينة المنورة، حض إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي، المسلمين على التحلي بقيم الصلاح والإصلاح قائلا: إن الصلاح والإصلاح من أحب الأشياء إلى الله، وأن الصلاح هو صلاح النفس، وأن الإصلاح هو تقويم ما انحرف من أحوال الفرد والجماعة أو إصلاح ما فسد من العلاقة بين اثنين أو طائفتين على مقتضى الشرع الحنيف.
وأضاف أن الإصلاح هو التقريب بين القلوب المتنافرة ولم الشعث في الآراء المتباعدة وإعطاء الحقوق الواجبة لأصحابها بسعي المصلحين واحتساب أهل الخير.
وأكد الشيخ الحذيفي أن الإصلاح بين ذات البين باب من أبواب الجنة وهو أمان من الفتن الخاصة والعامة وجلب للمصالح خاصة وعامة ودرء لمفاسد يعم ضررها وهو سد لأبواب الشيطان التي يدخل منها على الإنسان.
وأوضح أن المتأمل لتاريخ الأفراد والأمم يجد أن الشرور اتسعت دائرتها بسبب غياب إصلاح ذات البين، وأن كثيرا من الشرور دفعت وصرفت بسبب إصلاح ذات البين وهو من مقاصد الإسلام العظيمة وتعاليمه الحسنة الكريمة، مستشهدا بقول الحق تبارك وتعالى (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم)، وبقول رسول هذه الأمة، صلى الله عليه وسلم، (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله؛ قال: إصلاح ذات البين؛ فإن فساد ذات البين هي الحالقة)، وزاد: (لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين).
وأفاد بأن الإصلاح يكون أيضا بين الزوجين فيما اختلفا فيه لما يضمن لكل حقه، قال تعالى (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما)، مشيرا إلى أن الإصلاح يحافظ على كيان الأسرة من التصدع والضياع وتدوم به الرعاية الأسرية وتقوى به الروابط وهو المأمن من الانحراف والفساد.