الرياض: نايف العصيمي

كشفت معلومات حصلت عليها الوطن أن المكتب العربي للشرطة الجنائية يجري حالياً تنقيحاً للقائمة السوداء الـ16 لمدبري ومنفذي الأعمال الإرهابية في ضوء الردود التي تلقاها من بعض الدول الأعضاء حول طلب التعميم عن أشخاص مطلوبين لارتكابهم جرائم إرهابية، فيما ينتظر أن ترى النور خلال العام الجاري.
يأتي ذلك ضمن حزمة من الإجراءات العربية لملاحقة 85 تنظيماً تم تصنيفها كـمنظمات إرهابية بعد إضافة 9 تنظيمات خلال مطلع هذا العام.


في الوقت الذي اشتملت فيه قاعدة بيانات المكتب العربي للشرطة الجنائية على 76 تنظيما وحركة إرهابية عربية وغير عربية تنشط داخل الوطن العربي وخارجه في آخر إحصاءاتها قبل سنتين، تم تحديث القائمة مطلع العام الجاري 2014 بإضافة 9 تنظيمات عربية.
وعلمت الوطن من مصادر مطلعة أن عدد التنظيمات المصنفة كـإرهابية عربية، بلغت حتى مطلع العام الجاري قرابة الـ41 تنظيماً عربياً، مستدركة بالقول: بينما التنظيمات الغير عربية ومصنفة كـإرهابية تقدر بـ44 تنظيماً في قوائم المكتب العربي للشرطة الجنائية، وبذلك تقدر إجمالي التنظيمات في هذه القائمة بنحو 85 تنظيماً إرهابياً.
وكانت تقارير المكتب العربي للإعلام الأمني، قد كشفت للصحيفة في وقت سابق، أن 99.6% من المتورطين بأعمال إرهابية في أوروبا هم من غير المسلمين، فيما أوضحت أن قاعدة البيانات التي تم إنشاؤها عام 2000 لإثرائها بالمعلومات حول ظاهرة الإرهاب يتم رفدها سنوياً بالمعلومات التي تردها من الدول الأعضاء، مصنفة على قسمين، الأول خاص بالمنظمات أو الحركات أو الجماعات الإرهابية، والثاني مختص بأعضائها.

رصد الحركات والقيادات
وتقول المصادر إن القسم الخاص بالمنظمات أو الحركات أو الجماعات الإرهابية يشتمل على تعريف عام وكل ما يتعلق بها من حيث نشأتها وأهدافها ومقوماتها الفكرية وبنيتها التنظيمية وخلفياتها الثقافية أو الدينية أو الطائفية أو العنصرية، إلى جانب الدعم والتسهيلات الذي يقدم لها، ومصدره، وما نفذته من جرائم، أو أعمال إرهابية، بالقدر الذي يمكن أن يتوفر للمكتب من معلومات.
ويتضمن القسم الخاص بأعضاء هذه المنظمات قياديين وعناصر وكل ما يتعلق بهوياتهم وأوصافهم وأسبقياتهم وأسمائهم المختلفة وما صدر بحقهم من أحكام حضورية أو غيابية.

القائمة السوداء
وتضيف المصادر أن الدول العربية لا تزال تواصل تزويد وموافاة المكتب العربي للشرطة الجنائية بأسماء مدبري ومنفذي الأعمال الإرهابية لإدراجهم في القائمة السوداء، وتنقيحها بصفة دورية، وتعميمها على الدول الأعضاء، وتتضمن قاعدة البيانات جميع الأشخاص الذين وجهت إليهم السلطات المختصة في البلدان العربية، تهمة القيام بأعمال إرهابية أو التخطيط لها أو تدبيرها سواء قبض عليهم، أو صدرت بحقهم أحكام بالإدانة حضورية أو غيابية، أو لم تصدر بحقهم أحكام أيضا.

الجزء الـ16
بحسب المصادر، فإن المكتب العربي للشرطة الجنائية طلب من الدول العربية، التعميم عن الأشخاص المطلوبين لارتكابهم جرائم إرهابية، لإدراجهم ضمن الجزء الـ16 للقائمة السوداء، التي يجري تنقيحها في هذا الوقت، وينتظر أن ترى النور العام الجاري، على أن يقوم المكتب خلال هذا العام بإصدار الجزء الـ16 من القائمة السوداء لمدبري ومنفذي الأعمال الإرهابية في ضوء الردود التي تلقاها المكتب من بعض الدول الأعضاء حول طلب التعميم عن أشخاص مطلوبين لارتكابهم جرائم إرهابية.
وواصل المكتب العربي للشرطة الجنائية خلال العام الماضي في إصدار إذاعات بحث وتعاميم بحث عن مجرمين ومتهمين وأشخاص مفقودين، في جرائم احتيال مصرفي وجرائم أخرى، في الوقت الذي تواصل فيه الجهات المعنية في الوطن العربي عملها في تنقيح وتعميم للقائمة السوداء للإرهابيين في جزئها الـ16، في خطوة لقطع رؤوس الإرهاب ومواصلة لعمليتي تنقيح وتعميم القائمة السوداء العربية الموحدة للإرهابيين، إلى جانب القائمة السوداء العربية الموحدة الخاصة بتجار ومهربي المخدرات والمؤثرات العقلية، إضافة إلى قائمة الفارين والمطلوبين في قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية.

رفض ابتزاز الجماعات
المصادر ذاتها بررت هذا التحرك بأنه تأكيد على محاربة الوطن العربي للإرهاب وإدانته بجميع أشكاله ومظاهره، وأيا كان مصدره، واعتباره عملا إجراميا، مهما كانت دوافعه ومبرراته، ويجب اقتلاع جذوره وتجفيف منابعه الفكرية والمالية، بالإضافة إلى رفض كل أشكال الابتزاز من قبل الجماعات الإرهابية بالتهديد أو قتل الرهائن أو طلب فدية لتمويل جرائمها الإرهابية.

إرهاب إلكتروني وتلفزيوني
وتحدثت المصادر عن مهام المكتب وأدواره، وقالت: إنها تتمحور حول متابعة المواقع الإلكترونية التي تدعو وتحث على نشر الأفكار المتطرفة أو التي تعمل على تجنيد إرهابيين جدد، والمواقع الإلكترونية التي تحتوي على إرشادات حول صنع المتفجرات والأسلحة الأخرى، وموافاة الدول بأسمائها لمراقبتها ورصدها والعمل على إغلاقها، مشيرة إلى أن المكتب العربي للإعلام الأمني خاطب الدول العربية للحصول على أسماء المحطات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية التي تبث أفكارا إرهابية، وأنه تسلم ردودا حول هذه القنوات والمواقع المشبوهة من 8 دول عربية.

ضوابط عربية على الإنترنت
المصادر شرحت جهود الدول العربية للإسـراع في وضع ضوابط وشروط لاستعمال شبكة الإنترنت وتأمينها لمنع استخدامها من قبل الجماعات الإرهابية، مع التركيز على رصد ومراقـبة الاتصالات التي تجري عبر تلك الشبكة بين أعضاء التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى اتخاذ تدابير عاجـلة وكفيلة لمعالجة الجرائم المتصلة باستخدام الإنترنت للحصول على معلومات تتعلق بكيفية صنع الأسلحة والمتفـجرات. وعلمت الوطن عن توجه الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية لوضع ضوابط وشروط جديدة لاستعمال شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، سعيا منها للاستمرار في نبذ الإرهاب بكافة صوره وأشكاله ووسائله، في الوقت الذي تكثف فيه هذه الدول جهودها لمنع استغلال الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي من قبل الجماعات الإرهابية أو المتطرفة، وتم الاتفاق على ضرورة الإسراع في وضع ضوابط وشروط جديدة لاستعمال شبكة الإنترنت، وذلك تكثيفا لجهود التصدي للفكر الضال. وتعمل الدول العربية على مراقبة استخدام الاتصالات التي تجرى عبر الإنترنت بين أعضاء التنظيمات الإرهابية لتمرير المعلومات والتنسيق فيما بينها، ورصدها ومعرفة أماكن وجود التنظيمات والمعلومات اللازمة عنها، وطبقا لمصادر مطلعة، فإن الدول العربية وجهت المكتب العربي للإعلام الأمني بمتابعة المواقع الإلكترونية التي تدعو وتحث على نشر الأفكار المتطرفة، أو التي تعمل على تجنيد إرهابيين جدد، بالإضافة إلى المواقع التي تحتوي على إرشادات حول صنع المتفجرات والأسلحة، وموافاة الدول بأسماء هذه المواقع لمراقبتها ورصدها والعمل على إغلاقها. وتفيد بأن الدول العربية بدأت هذه الخطوات منذ مطلع العام الجاري ضمن مشروع الخطة المرحلية السادسة وتستمر حتى 2015، وهي سلسلة للاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب، ومواجهة الأعمال الإرهابية التي تتزايد أخطارها في جميع دول العالم، فيما تهدف هذه المرحلة إلى الاستمرار في متابعة تنفيذ بنود الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب، بهدف تحقيق مواجهة فعالة للإرهاب بكافة أشكاله وصوره وتجفيف منابع تمويله.

الإرهاب البيولوجي
عملت الدول العربية على منع تسرب تصنيع الأسلحة الكيميائية والبيولوجية إلى الإرهابيين، والاستعداد الكامل لأية تهديدات تمثلها هذه الأسلحة، واتخاذ التدابير الكفيلة بمكافحة الجرائم المرتكبة بواسطة الإنترنت من هذا النوع وغيرها من أي جرم إرهابي، وواصلت بالفعل متابعة تنفيذ بنود الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب، في مرحلتها السادسة، التي انطلقت مطلع العام الجاري وستستمر حتى نهاية 2015، بهدف تحقيق الغاية المرجوة لمواجهة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره وتجفيف منابع تمويله. وبحسب المصادر، فإن دولاً عربية تكثف جهودها في وضع أنظمة وتشريعات تؤمن فرض الرقابة الحكومية على إنتاج المواد البيولوجية والكيميائية والإشعاعية، أو حيازتها، أو تطويرها، أو نقلها، أو تحويلها، أو المساعدة في إنتاجها واستعمالها، وتسخر جهودها في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتأمين الحماية اللازمة لهذه المواد، والحيلولة دون تسربها بصورة غير مشروعة واستخدامها في أعمال إرهابية، والاهتمام بتأهيل كفاءات أمنية متخصصة في الإرهاب البيولوجي والكيميائي والإشعاعي من حيث الرصد، والوقاية، والحماية. وتشير معلومات نشرتها الوطن في وقت سابق، إلى أن بعض الدول العربية توصلت إلى مراحل متقدمة من تشكيل فرق استجابة للتعامل مع الهجمات الإرهابية التي يتم فيها استخدام الأسلحة البيولوجية والكيميائية والإشعاعية، التي قد تتسبب في إرباك مراكز الخدمات الطبية والمستشفيات.

مجتمعات عربية آمنة
لم تقتصر مواجهة الإرهاب في البلدان العربية على الجهود الأمنية فقط، بل إن الجانبين الاجتماعي والاقتصادي، كانا حاضرين بقوة كسلاحين تستخدمهما هذه الدول بعد أن حثت جامعة الدول العربية الجهات المعنية بالحد من التفاوت الاجتماعي وفروقات النمو الاقتصادي.
واعتبرت المصادر أن وجود 14.8 ملايين عاطل في الوطن العربي بحسب الإحصاءات الأخيرة يمكن أن يكون قنبلة موقوتة، ويجب عدم السماح لأصحاب الفكر الضال بأن يجرفوا هؤلاء الشباب إلى أوكار الإرهاب، لافتة إلى أن الدول العربية تعمل على ما يسهم في تحقيق التنمية وتخفيض معدلات البطالة والهجرة الداخلية، ويقلل من احتمالات انتشار الجريمة والإرهاب، وذلك عن طريق وضع سياسات وبرامج تساهم في الحد من التفاوت الاجتماعي وفروقات النمو الاقتصادي بين المناطق المختلفة في البلاد.
وتواصل الدول العربية في الوقت نفسه تشكيل اللجان الوطنية لمكافحة الإرهاب في الدول الأعضاء، والتي تضم ممثلين عن مختلف الأجهزة والإدارات الرسمية المعنية بمواجهة الإرهاب، ومندوبين عن المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية والاجتماعية، وهيئات المجتمع المدني.

خطر التطرف الديني

لفتت المصادر إلى أن وجود مندوبين عن المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية والاجتماعية، وهيئات المجتمع المدني يسهم في إشعار المواطنين بخطورة التطرف الديني، وزيادة الوعي بأخطار الإرهاب، وتعزيز مساهمتهم في التصـدي له، بالإضافـة إلى تدعيـم العلاقة بين المواطنين ورجال الأمن، خصوصا في الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية والمناطق الريفية والنائية، بما يساعد في تشجيع المواطن على الإبلاغ عن الشبكات والأعمال الإرهابية.