لا أتوقع أن يعتقد أحد أن الزواج بمثابة بطاقة يا نصيب أو تذكرة لحفل أو دار عرض سينمائية؛ وإنما هو شراكة أكبر من أن يتم العبث بها بطلبات غريبة وغير منطقية، وهو في بعض الأحيان تماما كما وصفه الروائي الراحل نجيب محفوظ في إحدى رواياته الزواج مثل الموت يأتي أحيانا بلا تلميح، أي أنه نصيب وقدر، وليس أمرا نخطط له ونبتكر أساليب لاصطياد الشريك، رغم أن ذلك قد ينجح، ولكنه في نهاية المطاف قسمة ونصيب.
مؤخرا أشعلت مغردة باسم الدكتوره نورة موقع تويتر بتغريدة تطلب فيها عريسا، مكتفية بوصف نفسها أنها مطلقة وتمتلك 100 مليون ريال، واعدة فارس الأحلام والعريس المنتظر بإغراقه بالمال، وهنا مطابقة لما ذكرته آنفا حول بطاقة اليانصيب، فملايين الموقع الاجتماعي تهافتت على العرض المزعوم، وأكثرهم مصدق ويحلم بملايين المرأة.
من حيث المبدأ لا يمكن أن يتم زواج بهذه الصورة العشوائية، فلا بد أن يكون هناك امتداد عائلي واجتماعي لهذه المرأة، وبالتالي فإنه بالضرورة أن تكون هناك حدود اجتماعية لطلب العريس، ذلك إن كانت حقيقة والعرض جدّيا، وهو غير متوقع، والراجح أن الأمر برمته تسلية سمجة لواحد أو واحدة، نجح أو نجحت في استغلال حماس المصدقين الذين انهالوا على الموقع.
من الضروري أن نتعامل مع ثوابتنا الاجتماعية باحترام أكثر، فنحن من غير قصد منا نقدّم أنفسنا للعالم بصورة مشوشة ومرتبكة، تكفيه لتقييمنا سلبا، فالخبر انتشر على نطاق واسع وكأنه حقيقة مسلم بها، لأن الجميع من حولنا يتعامل معنا في إطار صورة نمطية قائمة على أن كل سعودي أو خليجي إنما هو مصرف بشري متحرك، وعلى هذه الخلفية يتم تصديق الكثير من الاختلافات ونمعن في تعزيز صورة سلبية عن مجتمعنا، وحتى إن كان ذلك حالة استثنائية هزلية، فهي نجحت بامتياز -للأسف- في تشويهنا.