الحكي يطير في الهواء.. لكن الأرقام ترسخ، وتغيّر قناعات الناس.
طالعت رقما جميلاً لا أتمنى أن يمر دون دراسة.. أعلنته وزارة الخدمة المدنية ضمن بيان صحفي. قبل أن أعرض الرقم، سأتوقف عند عدد العاملين في الدولة، والذي تجاوز المليون ومئتي ألف موظف وموظفة، بالدقة بلغ 1218238 - نسبة الرجال 61.3%، والنساء 38.6%، بينما - وهذه نقطة مهمة - تجاوز عدد غير السعوديين 72 ألف موظف وموظفة! للتذكير الحديث عن الوظائف الحكومية لا القطاع الخاص!
عودة للرقم الذي وصفته بالجميل.. وهو وجود 16 ألف موظف وموظفة تركوا العمل الحكومي خلال سنة - البيان يتحدث عن تركهم للعمل وليس إحالتهم للتقاعد - فإن كنت مخطئاً فلتصحح لي وزارة الخدمة المدنية!
أن يترك هذا العدد الضخم العمل الحكومي طواعية، فهذا على الأغلب مؤشر تنموي مهم يعرفه أهل الاقتصاد.. هذا يعني أن هناك روافد اقتصادية مغرية انجذب نحوها هؤلاء المواطنون عوضاً عن الوظيفة الحكومية!
بيننا اليوم موظفون عاشوا التجربتين.. وهم الفيصل في المسألة أو الأكثر قدرة على التقييم.. أعني موظفي وزارة البرق والبريد والهاتف - سابقاً - الذين تم نقل كثير منهم للقطاع الخاص من خلال شركة الاتصالات السعودية.. غالبيتهم يتحدثون عن فرق شاسع بين الفترتين.. سواء فيما يتعلق بالحوافز أو الرواتب أو التأمين الصحي المجاني - أعرف أناساً تضرروا لعدم حصولهم على الدرجة المستحقة - لكن الأكثرية يشعرون بالفرق بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص الموثوق والمأمون.
بعض وظائف الحكومة ربما تعينك على الاكتفاء الذاتي، لكنها لا تحقق لك أي وفورات مالية تستحق الذكر.. أنا لا أعرف أحدا - باستثناء لصوص المال العام - استطاع تكوين ثروة من وظيفة الحكومة.. ولذلك إن تهيأت لك فرصة الانعتاق من الوظيفة الحكومية فلا تتردد!