بات موقع يوتيوب أهم وسائل نشر الفيديو على الإطلاق، حتى إنه صار مصدرا إخباريا للقنوات الفضائية الإخبارية التي تعتمد على المقاطع المنشورة اعتمادا كبيرا في الحصول على لقطات من أماكن لا يمكنها الوصول إليها، وبخاصة في مناطق الحروب والصراعات، ولا أدل على ذلك من أن هذه القنوات تستقي صور المعارك الداعشية من مقاطع يوتيوب التي يبثها الداعشيون، أو محاربوهم، دون اهتمام كبير بجودة الصورة والصوت، فالمهم هو وجود بصيص من صورة، أو همس من صوت.
المشكلة لا تكمن هنا، وإنما تكمن في استخدام يوتيوب لبث الإشاعات والكذب، وهو ما ظهر بشكل ممجوج، ومكشوف، في كثير من المقاطع التي كان يبثها أتباع الإخوان، أو مناهضوهم، في أثناء اعتصامي: رابعة، والنهضة، إذ كان كل فريق يوظف مقاطع قديمة، أو مقاطع في أماكن أخرى من العالم، لصالحه، بمجرد وضع عنوان موهم للمقطع. وفي بلادنا، يذهب استخدام يوتيوب في بث الإشاعة إلى منطقة أكثر خطورة، إذ يعمد بعض الحركيين قاصدين، أو المعتوهين غير عابئين، إلى بث مقاطع مكذوبة قائمة على الإيهام، وهدف الحركيين من ذلك معروف، وإن لم يعلموا أن الألعاب كلها باتت مكشوفة، بينما لا يتعدى هدف المعتوهين التسلية، والاستمتاع بقراءة رقم عدد المشاهدات، لكنهم يحققون هدف الحركيين دون أن يدركوا، وكيف لهم أن يدركوا، وهم أقل وعيا من استيعاب أي شيء، أو استشراف أي خطر.
إشاعات يوتيوب تكون أكثر خطرا، وقبحا، حين تكون متعلقة بفئة أو طائفة من أبناء الوطن، فهل يكف الحركيون، وخادموهم من المعتوهين عن مثل هذه الممارسات التي لا يفعلها إلا المفسدون الذين يظنون أنهم مصلحون، أو الذين في عقولهم مرض؟