تدعونا الحكمة إلى التجاوز عن العورات وستر أصحاب المعاصي والسيئات، وهذا من الأخلاق الطيبة التي ينبغي أن يتحلى بها كل مسلم، والستر هو: تغطية المسلم عيوبه، وعدم كشفها للناس مع طلب التوبة والندم عليها، وتيقنه بأن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
فمن منا يدعي الكمال؟ ومن منا لم يخطئ؟ فكلنا خطاؤون، وكل ابن آدم خطاء وخير الخطَّائين التوّابون، فالله لا يحب التفتيش عن عيوب الناس وتتبع عوراتهم وسوء الظن بهم، وليست تلك من أخلاق المؤمن، والله لا يحب أن يجاهر الإنسان بكلام السوء ولا إشاعة السوء قال تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا.
وستر المسلم نفسه، أمر مقتضى بالضرورة خاصة في اتساع آفاق الاطلاع والمعرفة والتكنولوجيا الحديثة التي أصبحت الناس عبارة عن كتب مفتوحة ضمن المواقع الإلكترونية والاجتماعية سواء بأسمائهم الحقيقية أم بأسمائهم المستعارة فالله يعلم من أنت وإن أخفيت ذلك عن الآخرين.
وهو الحي فليس يفضح عبده، عند المجاهرة منه بالعصيان، لكنه يلقي عليه ستره، فهو الساتر وصاحب الغفران، فكم من شخوص منقسمة على نفسها تجدها تدعو لأمر ظاهره الصلاح وفي نفسها اتباع الهوى المضل، وهذا ضعف خلق به الإنسان، فالنفس أمارة بالسوء، إلا أنني أستهجن بعض الذين تظهر أنفسهم أهواءها وتجهر بأخطائها التي سترها الله، سواء بعلم منهم أو بجهل في إدارة صفحاتهم الإلكترونية ضمن المنتديات أو المواقع الاجتماعية كالفيس بوك والتويتر وغيرهما من المواقع التي أصبحت جرأة على الأدب العام كصورهم التعريفية الماجنة أو المشاركات التي تخرج عن أعرافنا وعادتنا بل تتطاول أحيانا لتصل إلى السفور والعياذ بالله.
ولذلك أدعوكم وأدعو نفسي بالستر وجهاد النفس الأمارة بالسوء، فإن العباد يُعيرون ولا يغيرون، والله يغير ولا يعير، ومن صفات الله تعالى أنه ستير يحب الستر على عباده، وهذا من كمال رحمته سبحانه، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.