الأكيد أنكم ستقولون فال الله ولا فالك، فحينما أكتب عن ما يسمى بالربيع العربي، ماذا لو أصاب خليجنا العربي؟ وخلاله أشير، ما الذي تتوقعونه؟ وأي بلد سنكون مشابهين له في الأحداث؟ كيف هي ردة فعلكم؟ تخيلوا ولا تجزموا ودون ألم وضغينة، حتى لا تلعنوا كاتب هذه السطور؟!
من جهتي فقد تخيلت الوضع مؤلما سيئا ظلاميا مدمرا، فكم أيدولوجية ستظهر وكم طائفية نتنة ستأتي وكم قاعدي وداعشي سيطل برأسه؟ وكم قبيلة ستلتف على أفرادها لتكون حكومة خاصة بها؟! وكم وكم..، أرأيتم مشاهد الانقسام في العراق؟ والمساكن الكثيرة المهدمة على أهلها في سورية؟ هل وقفتم على ما يجري في ليبيا؟ الأكيد أنكم ستقولون: يا الله كم هو خراب محزن لبلد كليبيا هو من أغنى بلاد العالم بالثروات، فغير أن البترول أصبح مسروقا، هناك تقاتل في الشوارع وبين القبائل والميليشيات.
هل اطلعتم على حال اليمن تلك التي أصبحت مقرا استراتيجيا لكل فئات المتطرفين في العالم، لم يعد يحكم فيها إلا الطائفة والقبيلة، ومن لا ينتمي لهما مصيره الموت!
هل نختصر لكم: إنه ربيع الموت والاضطهاد والأشلاء، ربيع الظلاميين الذين خرجوا من مغاراتهم في أفغانستان ليعيثوا فسادا وإجراما في العالم العربي. ربيع سوءة الحكام العسكر الفاسدين الذين أهلكوا شعوبهم فخرجوا عليهم، والآن كيف هي النتيجة وكيف نحن منهم؟!
نحمد الله أننا قرأنا الربيع العربي واستوعبناه وعرفنا مجالاته وأهدافه، حتى إنه قيض لنا أن انكشف أولئك الذين يتمسحون بالدين، وبين كل كلمة وأخرى دعاء وابتهال لنجد أن أهدافهم حاكمية وتوجهاتهم ظلامية.
نقول يا الله لك الحمد أنك كشفت لنا سوءته وأرحتنا من لعنته، وفيه ومن خلاله، وبعد سوءته هل تتوقعون ربيعا جديدا في أي بلد عربي؟ الأكيد أنه لا أحد سيتجرأ لقول نعم.. من فوكوياما إلى أتفه منظر غربي أو عربي، لأن الأمور تقاس بالنتائج، وأي نتائج التي وقفنا عليها وعرفناها، هل ترغبون بالدماء والأشلاء وقتل الأخ لأخيه؟ إنها أيديولوجيات اختبأت تحت الرماد، حتى حانت فرصتها فأحرقت الأخضر واليابس.
نعم فرحنا بسقوط الطغاة والعمل الذي يدار لإسقاطهم كما في سورية والعراق، لكن كان الفخ أكبر من العصفور، لأن الثمن كان باهظا على الشعوب المسالمة التي تتطلع للكفاف والأمن، فأي أمن تعيشه الآن؟!
هنا في دول الخليج العربي الست، لم نعرف - ولله الحمد - سطوة عسكري ولا تصدير ثورات كتلك التي ابتدعها الملالي، وإن كنا ما زلنا نتطلع لتحجيم الفكر الأيديولوجي وتطوير المنافع والمؤسسات، لكننّا لا نريد خيبة الربيع وأهله، دماره وعبثه، والأكيد أن الله رحمنا لأن ما يسمى بـالربيع قد كشف لنا أننا لم نكن نخلو من المتدثرين بالدين والداعشيين وأنصار القاعدة، والمتطلعين لنصرة القبيلة على الدولة.
هل تعلمنا الدرس أنظمة وشعوبا؟ الأكيد نعم، لأن قوة رد الفعل زلزلتنا جميعا.. حفظ الله خليجنا العربي وحفظنا وإياكم.