في إصدار يسعى لتقديم أرضية قانونية لاتخاذ إجراءات فعلية في الساحة الدولية لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتابا بعنوان: الجرائم الإسرائيلية خلال العدوان على قطاع غزة: دراسة قانونية، بقلم الأستاذ في القانون الدولي والحائز على شهادة من مركز أبحاث أكاديمية لاهاي للقانون الدولي، الدكتور عبدالرحمن محمد علي. والكتاب هو عبارة عن دراسة قانونية تتناول الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل خلال عدوانها على قطاع غزة وفقاً لمعاهدة روما المؤسِّسة للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
ويتناول الكتاب في فصله الأول جرائم الحرب المرتكبة في قطاع غزة خلال العدوان، في حين يُركز في فصله الثاني على الجرائم ضد الإنسانية، مبيناً الأركان المادية والمعنوية لكل جريمة على حدة، ومقدّماً بعض الوقائع الدالة على ارتكابها خلال العدوان، كما يوضح الأركان الواجب توافرها للحديث عن جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية بشكل عام.
أما الفصل الثالث فيبحث طرق ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، من خلال المحكمة الجنائية الدولية، أو من خلال استخدام مبدأ الاختصاص العالمي أمام المحاكم المحلية.
وفي الخلاصة، فإن الكتاب يشير إلى أنه في حين تدعي إسرائيل أنها بدأت عدوانها بحجة وقف الصواريخ الفلسطينية التي دكت جنوب إسرائيل، وأنها استهدفت في هجومها معاقل لأفراد المقاومة الفلسطينية فقط، إلا أن جميع تقارير مراكز حقوق الإنسان تؤكِّد أن الجيش الإسرائيلي قد أفرط في استخدام القوة، وأن غالبية المنشآت التي استُهدفت هي منشآت مدنية عامة وأملاك خاصة، تقع وسط أحياء مكتظة، مما يؤدي إلى إبادة أسر بكامل أفرادها. وهو ما يشكّل انتهاكاً لجميع القوانين الدولية.
كما يدعو الكتاب الباحثين والسياسيين المهتمين بالشأن الفلسطيني للعودة بالقضية الفلسطينية إلى بعدها القانوني الدولي، إلى جانب البُعد السياسي والوطني، حيث يقول: إن الفلسطينيين يملكون الكثير من أوراق الضغط القانوني لإحراج إسرائيل، ويضرب مثالاً على ذلك دعوة الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤوليتها تجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وتقع أهمية هذا الكتاب في أنه يقدم دراسة متميزة باللغة العربية، تتناول الجرائم الإسرائيلية من زاوية قانونية متخصصة، وتسعى لإتاحة المجال أمام اتخاذ خطوات فعلية في الساحة الدولية لملاحقة إسرائيل على انتهاكاتها.