بعد عدة من المبادرات الإنسانية التي بدأت في فيينا عام 1982، تم اعتماد اليوم العالمي لفئة المسنين في 1990 باعتباره اليوم الأول من مطلع أكتوبر في كل عام، وقد احتفل العالم يوم الأربعاء الماضي بهذا اليوم تحت شعار دعم مشاركة المسنين في بناء المستقبل الذي نريد، وذلك وفق خطط عمل واستراتيجيات دولية تعمل على تعزيز تنمية المجتمعات بالنظر لجميع الفئات العمرية خاصة المسنين، وهذا ما دعى المنظمات الدولية من أجل التصدي للتحديات المهمة التي تطرحها الشيخوخة على الصعيد العالمي.
من الملاحظ أن أمراض الشيخوخة في العصر الحديث بدأت تداهم الشباب، وفي حالات معينة قد يتعرض الفرد الثلاثيني أو العشريني لمشكلة صحية تصنف من أمراض الشيخوخة، وحسب تقرير أممي فإن العالم يشهد تحولا غير مسبوق في تركيبته السكانية، التي قد تجعل نسبة الشيوخ متساوية مع الشباب في مراحل قادمة، وذلك بالإشارة إلى الأوضاع المختلفة للمسنين وتباين خصائصها وتحديد مشكلاتها.
تغيب المملكة عن هذا الطرح الجدي والمهم، ولم تتعد اجتهادات وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية في محاولاتها لتفعيل اليوم العالمي للاحتفال بالمسن كمشارك فعال في المجتمع؛ سوى المشاركة باللوائح والنماذج المكررة على المواقع الإلكترونية وتدشين بعض المنتديات، وبمقابل جهد المقل لا توجد قيمة حقيقية من التباهي بمثل هذه الشعارات والمظاهر، دون أن تحقق الرعاية والخدمة الاجتماعية هدفهما الحقيقي باستهداف ما تقتضيه المصلحة لهذه الفئة، فالمسن لا يجد الرعاية الصحية الكافية حتى يكون قادرا على المشاركة وفعالا لممارسة النشاط الاقتصادي، وهو يشعر بالعزلة والحاجة إلى الغير في القيام على حاجاته الشخصية، الأمر الذي قد يزيد عليه الشعور بالاغتراب والوحدة، إضافة إلى شح الموارد المالية والبشرية وافتقار التركيز على المسائل المتعلقة بالشيخوخة، وضعف دور الإيواء وقلة إمكاناتها.
هذا التعامل السيئ يصور الحالة وكأننا ننتظرهم ليموتوا، فهناك حاجة ماسة لتطوير الآلية التي تعمل عليها الوزارة، ووضع البرامج وتقديم الرعاية الكافية التي تتبنى الاهتمام بهذه الفئة، إضافة إلى النظر بعين الاعتبار في قضية المخصصات المالية وصرف المعاشات، والاستفادة من التجارب الغربية التي تمارسها الجمعيات والمنظمات الاجتماعية التي تبقي على الإنسان شعوره بالكرامة.