على رأس (أغرب) عناوين الصفحات الأولى لصحفنا لهذا الأسبوع سأختار لكم عنواناً ثانوياً من هذه الصحيفة يقول بالحرف: (منصات مترو الرياض مصممة لمواجهة الإرهاب)، العنوان مشتق من تصريح لمسؤول مباشر عن بناء محطات مترو العاصمة الغالية. ولن أتحايل أو أتجمل لأن الجملة لوحدها صاعقة صادمة ولم أستطع من قراءتها سوى نطق جملة الدهشة: يا جماعة حنا رايحين وين؟ نحن وصلنا إلى حالة مخيفة أصبحنا معها نتوقع عملاً إرهابياً في محطة القطار وماسورة الماء وبرج الكهرباء.. وأيضاً.. أخذني الخيال إلى تصميم المطعم الشعبي لتكون واجهته الزجاجية قادرة على التصدي لزجاجة (مولوتوف) إرهابية. يسرح بي الخيال للدرجة التي صرنا معها نبني أعمدة الأسمنت الصلبة بفولاذ نقي صلد صلب يستطيع أن يتحمل شذوذاً دماغياً من جمجمة مريض إرهابي مختل. علماء المخ والأعصاب يقولون لنا إن حجم الدماغ البشري وصلابته الفيزيائية أقل وأدنى من حجم علبة (زبادي) على رف بقالة، ولكن: كيف تحول هذا (الزبادي) إلى تفكير إرهابي يذيب الفولاذ النقي الصلب؟ نحن نفكر في هذا الاحتمال المخيف المستقبلي حتى قبل أن ننجز من بناء (المترو) سوى أقل من 6% فكيف وصلنا لهذه المرحلة؟
يأخذني الخيال الجامح في العنوان بعاليه إلى هذا السيناريو المرعب: أول محطة لمترو الرياض ستعمل بعد خمسة أعوام من اليوم. أول تفجير إرهابي سيكون بعدها بعامين لأن فكرة (الإرهاب) تحتاج لهذا الزمن للاختيار والدراسة. هذا يعني أن أمامنا من اليوم سبع سنين قبل العمل الإرهابي الأول في قلب المترو الفولاذي. وعلى يساري، وأنا أكتب هذا المقال، بحث أكاديمي يقول بوضوح إن سن التاسعة عشرة هو (المعدل العمري) لمئات المتورطين في عمليات التفجير والإرهاب، وهذا يشير إلى أن الإرهابي (المحتمل) القادم إلى تفجير محطة المترو التي لا زالت ورقاً هندسيا: هو اليوم، في الثانية عشرة، في الصف السادس الابتدائي، يأخذني خيال العنوان لأبعد من هذا بكثير: هل نستورد الفولاذ المقاوم للإرهاب أم نغير صفحة دراسية في منهج السادس الابتدائي؟ هل نبني تصميماً هندسياً يقاوم الفكر المختل المريض، أم نعالج المنهج والحلقة والخيمة والمنبر والمحاضرة والخطبة؟ هل نستورد أغلى وأنقى ما أنتجته مصانع الكون من الفولاذ أم نعالج بضع أدمغة مريضة أخف و(ألين) من علبة زبادي؟
يا جماعة: حنا رايحين وين..؟؟