لسنا من اليوم، ولسنا طارئين على التاريخ.
على هذا التراب تتابع الأنبياء منذ صالح وهود، من عرفنا ومن لم نعرف، وعلى هذا التراب كان أول بيت وضع للناس، وجدّ الأنبياء يرفع القواعد، وعليه ختمت السماء أنوارها ورسالتها حين فاض النور من غار حراء برسالة اقرأ.
على هذا التراب رفع أوائلنا يدَ الغرباء عن مصيرهم الحر، يوم ذي قار ومرة أخرى بين تبوك واليرموك.
هنا ملعب الزمن بين نجران مرضعة الدهر، وبين مأوى القرون مدائن صالح. على هذا التراب أول لوثة الفن وأول لثغة الشعر، ووسميّ القصائد وبواكير المعلقات والقلائد.
يومنا الوطني هو رسوخ السراة، وجموحها الدائم إلى السماء، وهو عمر الحب بين الصحراء والماء، موال أشرعة يخيط القلوب، تجاعيد وجه أب ودعوات أم.
يومنا الوطني هو احتفال بكل ماضينا منذ الأزل، بأحلامنا إلى الأبد. احتفال بيوم أن تجمع كل نورنا وسرّنا في كيان واحد وعلم واحد، ووطن واحد اسمه المملكة العربية السعودية.
الوطن ليس أحدا، وليس فئة، ولا طائفة، ولا مذهبا.
الوطن بلاد بها نيطت عليّ تمائمي، وأول أرض مسّ جلدي ترابها. هو الأهل والعرض والشرف، وهو الوجه والضمير، الإنجاز والحلم، نختلف فيه ومن أجله ولا نختلف عليه.
الوطن هو الذي يجعل الجندي يستقبل الرصاص بصدره من أجل أن تكمل طفلتي طريقها للمدرسة بأمان، ومن أجل أن يكمل ابنك نشيد سارعي للمجد والعلياء.
الوطن ليس كفاءة أو قصور الخدمات، إنما هو الأب والأم والذكريات، هو الناس الذين حولك.. يشبهون وجهك وقلبك، ويقفون معك تحت هذا العلم. وهو سجل تاريخ الشرف، تركة العز، الفرح الكامل والحزن الكامل، المكان الذي لا تتمنى أن تموت إلا فيه.
الوطن بريء على الإطلاق، ودينه في كل عنق على الإطلاق. يحيا الوطن.