جاسم الصحيح يقدم برنامجا اسمه أنتم الناس في القناة الثقافية السعودية. يبث البرنامج الأسبوعي الساعة الثانية بعد ظهر يوم السبت، شاهدت بالصدفة إحدى حلقاته. العنوان مقتطف من شطر بيت لشوقي يقول: أنتم الناس أيها الشعراء.. ويعتمد على لقاء روتيني مع أحد الشعراء، يحاول جاسم أن ينزع عن اللقاء ثوب الروتين ولكنه يتمنع. أنا هنا لدي عدة أسئلة مشروعة: من أقنع جاسم بتقديم البرنامج؟ فمثله خلق ليمطر الشعر.. لا ليستمطره! ليُسأله.. لا ليَسْأله.
لو اقتصر البرنامج على أن يلقي جاسم شعرا لنفسه أو للشعراء الذين يستضيفهم، أو لغيرهم من الشعراء القدماء والمحدثين، لكان علامة مميزة بين البرامج الأدبية، إذ تحظى المقاطع الشعرية له على يوتيوب بنسب متابعة جيدة، فهو ممتع في إلقائه، ممتع في حضوره المسرحي الذي بدا باهتا في البرنامج، ربما لأنه أتى فردا، ولم يستصحب معه تفاحة شعره أو سفرجل لغته، بل يحمل على عاتقه أسئلة لشعراء آخرين، وهذا حمل زائد بلا شك.
السؤال الثاني هو: من يستمع إلى قصيدة شعر في الساعة الثانية بعد الظهر حين تكون درجة الحرارة في منتصف الخمسينات وعندما يصبح حتى ـ الحب ـ ضربا من الحمّى، ونوعا من الهذيان؟! من الذي جدول البرنامج في هذا الوقت؟ وما وجهة نظره؟
قد لا يعرف جاسم أن التلفزيون محرقة المواهب الكبيرة، وأن الظهور فيه ـ إن لم يكن مدروسا بشكل جيد ـ هو غياب على الهواء، وأن يَزور شاعر مثله مضارب القوم بلا جبروت القصيدة، ودون مرافقة موكب الشعر؛ فهو يلقي بنفسه من الأدوار العليا في سماء المجاز.