هذه معاناة شاب سعودي، يسكنه الوطن وأحلام النجاح والتطوير والتغيير للأفضل، حين ينهي دراسته ويعود لوطنه حاملا شهادة الدكتوراه في التخصص الذي هاجر من أجله
القلم أمانة وكاتب الرأي الأمين هو ضمير المجتمع ومرآته وناقل همومه لمن يهمه الأمر وبيده بعد الله اتخاذ القرار، والإعلامي ينبغي أن يُسخّر منبره وزاويته لقضايا الوطن وأفراد مجتمعه، وهذا جزء من مهمته الأساسية.
بهذه العبارة ابتدأ صاحبي مطالبته لي أن أمنح مساحة زاويتي له هذه المرة وقال مذكرا لي، هل نسيت وعدك أن تكون صوتا لمن لم يستطع إيصال صوته حين تضيق الأرض بما رحبت بمواطن من أهل بلدك يشاركك سكنى الدار، وحبه، خاصة حين تكون القضية عادلة وتتعلق بحقوق إنسان؟ كلا أيها الصديق العزيز لم أنس، لكنني لم أكن أعتقد أن تصل الأمور للمخاطبة عبر الصحف من أجل الحصول على حق مستحق ورفع الظلم لقصة أشبه بالأحجية، وصارت ككرة ثلج بدأت صغيرة جدا وتدحرجت من مكتب إلى مكتب ومن وزارة إلى وزارة حتى تحولت من خلاف بسيط بين طالب ومسؤول في قنصلية، إلى حبس حرية وغمط حقوق وآثار نفسية متعبة وخسائر مالية بعشرات الآلاف من الدولارات.
هذا الشاب السعودي زميل دراستي وشريكي في سكني أثناء إقامتي في العاصمة الأميركية واشنطن دي سي، وتحديدا في جورج تاون، يسكنه الوطن وأحلام النجاح والتطوير والتغيير للأفضل حين ينهي دراسته ويعود لوطنه حاملا شهادة الدكتوراه في التخصص الذي هاجر من أجله.
أعرفه تمام المعرفة كما أعرف نفسي، وأعرف إخلاصه لمبادئه ووطنيته وحسن أخلاقه والتزامه بيوميات دراسته الجامعية، وتمثيل بلاده خير تمثيل، فلم يدخل قسم شرطة في أميركا منذ أن وطأت أقدامه عاصمة الينكي. كانت إجازة الكرسمس وأعياد الميلاد على الأبواب تلك السنة في 2011، مديرة الجامعة تدعى كاثرين أميركية شقراء جميلة الملامح لكنها تحمل من الكره والحقد على الطلبة العرب والسعوديين منهم، خصوصا بما يكفي أن تشم رائحة الكراهية على بعد كيلومترات حين تلتقيها، ولا تخفي ذلك لأسباب تخصها، وإن أظهرت الالتزام بتطبيق القوانين الجامعية. أعرفها جيدا فقد كانت أيضا هي المسؤولة عن دراستي في تلك الجامعة مع بقية زملائي وزميلاتي من مختلف أنحاء العالم بما فيهم صديقي هذا. جيمس دوران، ساكسوني من بلاد الإنجليز هو مساعد كاثرين ومن يحل محلها في غيابها، وكانت في إجازة تلك الأيام. صديقي علاقته جيدة بجيمس هذا واتفق معه على أنه بما أن الفصل الدراسي لم يتبق عليه إلا أسبوعان وتحل الإجازة، وبما أنه أنهى الامتحانات المطلوبة فلا بأس أن يحصل على عدة أيام قبل الإجازة الرسمية. خطأ صاحبنا أنه لم يوثق هذا، بل اعتمد على موافقة جيمس الشفهية.
غاب صاحبنا عن المدرسة الثلاثة أيام الأول وتصادفت عودة كاثرين وذهاب جيمس في إجازة إلى لندن لعدة أيام. لم تنتظر كاثرين كثيرا فبمجرد معرفتها أنه لم يحضر ليومين أشعرت جهاز الـإف بي آي وفرع وزارة الداخلية الأميركية أو (home security land) وبدورها تواصلت تلك الأجهزة مع الملحقية وتم إيقاف صرف المكافأة، وبدأت المراسلات البريدية وكل ذلك وصاحبنا يقضي الأيام سعيدا في ولايات الغرب الأميركي سائحا.
عاد بعد انتهاء الإجازة ليكتشف المأساة بمجرد أن فتح بريده الإلكتروني، جيمس لم يستطع المساعدة بأكثر من القول إنه ربما يسهم في قبوله في جامعة أخرى بعيدا عن كاثرين بعد أن يحصل صاحبنا على i20 جديد بديلا للملغى وهو القبول من معهد أو جامعة. بهذا أصبح الرجل مطلوبا من أجهزة الأمن الأميركية؛ لأن إقامته لم تعد قانونية على الأراضي الأميركية.
ثار صاحبنا ومضى للملحقية علها تصحح الخطأ فلم يجد سوى التنصل والتجاهل، فدخل مع البعض هناك في مشادة كلامية تطورات لعراك بالأيدي فتعقدت الأمور أكثر. تم القبض على صاحبنا بعد أيام وأودع سجن فرجينيا، برقم 911. حيث يقبع كثير من العرب والمسلمين. حصل على قبول آخر عن طريق أصدقاء وخرج من السجن كي يغادر أميركا للحدود الكندية ثم يعود بعد ساعات كي يدخل طالبا بذلك القبول الجديد وتبقى فقط الضمان المالي، لكن الملحقية لم تستجب. عاد إلى الرياض كي ينهي أوراقه من وزارة التعليم العالي وحين توجه للمطار للمغادرة اكتشف أن هناك ملاحظة تمنعه من ذلك ومنذ ذلك التاريخ وصاحبنا تتقاذفه الوزارات كالكرة، فوزارة الداخلية تحتاج لعدم ممانعة من وزارة التعليم العالي، ووزارة الداخلية بموجب خطاب وزارة الخارجية المبني على تقرير ملحقية السعودية بأميركا تحتاج لخطاب من التعليم العالي.
أين الحل؟ ومن المسؤول؟ وهل من أحد يأخذ بيده؟ وهل يستطيع مقابلة مسؤول صاحب قرار لينهي معاناته؟