في يوم الثلاثاء الثاني من سبتمبر، كتبت في هذا المكان مقالا بعنوان: سياسة التوظيف والعمل إلى أين؟ وفي اليوم ذاته حملت لنا صحيفة الوطن خبراً بعنوان: 3 وزارات تدعم بناء مجتمع المعرفة، وهو بعنوان: إعداد الشباب السعودي كقادة للغد في عالم ريادة الأعمال، وحضره 3 وزراء وكانت هناك مشاركة واسعة لقطاعات تعليمية لوضع استراتيجيات جديدة لهذا القطاع الحيوي.
مثل هذه الخطوة تعد جهودا نوعية نحو القضاء على البطالة بأعمال نوعية تتماشى مع طبيعة العصر.. وفي الخبر ورد على لسان مدير برنامج إنجاز أن 1000 شركة بادرت بدعم البرنامج.. هذه الشركات تستحق التقدير على هذه الإسهامات لكننا يجب ألا تكون ذاكرتنا قصيرة، وأن نتذكر تصريح رئيس المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في هذه الصحيفة على لسان رئيسها الأستاذ سليمان القويز في الثاني من فبراير من هذا العام 2014، الذي أكد على وجود ما يسمى (التوظيف الوهمي) والذي حمل مسؤوليته لـ3 وزارات، وأن تضييق الدائرة على كل من يقوم به ومحاربته ضرورة ملحة.
وهنا أريد أن أقول للأمير خالد الفيصل صاحب المبادرات النوعية: إن هناك ممارسات تحد من نجاح مثل هذه المبادرات وتتصادم مع أهدافها وتجهضها.. وكما أن مثل هذه المبادرات تدعم الاقتصاد وتجري العصر وتقضي على أهم مشاكله وهي البطالة إلا أنه بالمقابل وكما قال رئيس مؤسسة التأمينات الاجتماعية: إن التوظيف الوهمي لا يعد مشكلة اقتصادية فقط، بل أمنية أيضاً. هذا أولا.. وثانياً لا بد من استحضار موقف وزارة التعليم العالي إزاء طلبات بعض الجامعات الراغبة بالتوسع في افتتاح كليات وأقسام جديدة، بضرورة التنسيق في ذلك مع 3 وزارات؛ هي (الخدمة المدنية، والعمل، والتربية والتعليم)، والتشديد على عدم النظر في أي طلب لا يتضمن المبررات الداعمة للتوسع. وقالت وزارة التعليم العالي عند إعلان هذه الموقف في بداية هذا العام 2014، إنها رصدت مؤخرا طلبات وردت لمجلس التعليم العالي من قبل الجامعات بشأن افتتاح أقسام وكليات جديدة دون التنسيق مع الجهات المعنية بسوق العمل، وهو ما دفع بها إلى توجيه الجامعات بعدم سلوك هذا المسار بعيدا عن التنسيق مع الجهات المعنية.
وبررت وزارة التعليم العالي، رفضها لذلك بضرورة دراسة أوضاع سوق العمل وحاجته الفعلية للمخرجات المطلوبة من قطاع التعليم العالي، وهو ما دفعها إلى ربط الموافقة بالتنسيق مع الوزارات الثلاث، فيما شددت على أن الخطة التنموية التاسعة للمملكة أخذت بعين الاعتبار أن على مؤسسات التعليم العالي عند التوسع في إنشاء الكليات والأقسام دراسة مدى الحاجة الفعلية لمخرجات تلك الكليات والأقسام؛ لأننا بالحد من تخريج طلاب في تخصصات لا يحتاجها سوق العمل لا نعمل على تفاقم مشكلة البطالة فقط، بل نجهض الجهود الفاعلة للقضاء عليها. وهنا أُذكِّر أيضا بأن الدراسات تقول إنه لا بد أن ندرس سوق العمل لنعرف وبناء على دراسات مجالات سوق العمل في بلادنا قبل اتخاذ أي خطوة في التدريب أو التعليم.. وتقول إن المجالات الأساسية التي تتوافر فيها أكثر الفرص الوظيفية هي أربع مجالات ولا بد في أثناء دراسة مجالات سوق العمل لدينا أن نعرف أيا من هذه المجالات تتوافر فيها أكبر نسبة من الوظائف.. وتلك المجالات الأربعة هي:
- الرعاية الصحية.
- تكنولوجيا المعلومات.
- التعليم.
- خدمات المهن.
وحددت مهن الرعاية الصحية بثلاث مهن هي:
- الخدمة الصحية المنزلية الخاصة.
- مساعد طبيب (وهذا لا ينطبق على التمريض) بل هو تخصص جديد.
- مستشار رعاية فكرية.
وحدد تكنولوجيا المعلومات بمهنتين اثنتين فقط وهما:
- محلل نظم ومعلومات الاتصالات.
- وهندسة تطبيقات الحاسب الآلي.
أما المجال الثالث فهو التعليم وحدد مهنة واحدة فقط فيه وهي:
- المعلم. وأعطاه وصفاً مميزاً وهو:
المعلم المجتهد. وكلمة المجتهد لها متطلبات يطول الحديث فيها. لم يقل المعلم المؤهل، ولا المعلم المدرب، المعلم المجتهد هو الذي يستمر عطاؤه لنفسه ولغيره، لنفسه باستمرار تدريب وتعليم نفسه والبحث عن كل جديد ليواكب العصر الذي يعيشه، ويواكب متطلبات القرن 21 ولغيره باجتهاده بالارتقاء بطلابه بكل فئاتهم ومستوياتهم إلى المستوى الذي يرضى عنه. معرفة مستوى ومتطلبات كل طالب تتطلب الاجتهاد والاجتهاد فقط من المعلم. فالاجتهاد في مهنة التعليم مهمة صعبة، إلا القلة القليلة؛ ولهذا فهي من المهن النادرة التي يجب العمل على إنتاجها.
أما المجال الرابع: خدمات المهن فله أربع مهن وهي:
- مساعد قانوني، وبرر ذلك بارتفاع مهن المحامين في قضايا قد يقوم بها مساعد قانوني.
- خدمات التمويل التي تقدم خدمات التوفير وطرقه وأساليبه للمواطن العادي.
- متخصصون في المراقبة المالية.
- خدمات التوظيف، صارت المهنة الأسرع انتشاراً في الوقت الحاضر في قطاع الأعمال بأكمله؛ لأن التعاقد مع مهنيين، لا مع موظفين يتطلب متخصصين في فحص المتقدمين للمهنة. والفحص يتطلب دقة ومهارات وعلما وتدريبا للوصول إلى حقيقة من نريد التعاقد معهم. وهذا صحيح. فمن منا جرب خوض غمار هذه المهنة يعرف تماماً صعوبتها.