مر الجيل الجديد بطفرات، على مرأى ومسمع من الآباء والمربين، وذلك على مستوى الإدراك والوعي والتعاطي مع كل ما حولهم، مغيرين بذلك الخارطة التربوية التي يتمسك بها الآباء جيلا بعد جيل، ووسط التحرك الواسع من الآباء دفاعا عن القيم والثوابت التربوية حفظا لها من عبث هذا الجيل الذي لا يؤمن بأية ثوابت تنطلق من العادات والتقاليد والعرف، وبما أن هذه السلوكيات التي ظهرت في أبناء هذا الجيل غير مسبوقة، وإنما هي وليدة ثورات معرفية ومعلوماتية؛ فقد نشأ سابقا وعيه وسنه، لذا فمن الضروري أن يبتكر الآباء أساليب تربوية حديثة لا يعرفها هذا النشء، وليست ضمن الأوراق التي بين يديه، متخلصين من الأساليب القديمة العقيمة، منتشلين أنفسهم من دائرة كنا التي يمقتها أبناؤنا حاليا.
فالآباء يرددون كنا نعمل وكنا ننجز ونطيع أساتذتنا؛ لأنهم يرون فيما عملوه إنجازا، بينما يراه الأبناء خنوعا وتقليدية، وفي الوقت الذي تعودنا أن ننشئ أجيالا تشبهنا، مكررين بهذا أنفسنا؛ يسعى الأبناء إلى أن يكونوا جيلا آخر مختلفا لا يشبه من قبله من الآباء، بل بمواصفات أعلى وأكثر تميزا ووعيا بالتغيرات المتسارعة حولهم.
لذلك وقبل أن نفقد أبناءنا في خضم التغيرات المتسارعة؛ لا بد أن نبتكر منظومة تربوية مختلفة نستطيع من خلالها إعادتهم إلى المساحة التي تجعلهم ضمن الملاحظة والاحتواء في الوقت المناسب.