في العقيدة الوطنية لا توجد مذاهب، وربما تقاتل أخاك المسلم لأنه خائن، وتوالي جارك المسيحي أو اليهودي أو الملحد لأنه وفيّ للوطن.
تضم جيوش البلدان ذات الأعراق والأديان محاربين مختلفين دينا ومذهبا وعرقا، ومختلفين إيمانا وإلحادا، يحاربون عدو وطنهم بصرف النظر عن عقيدته ودينه، يقاتلون عدو وطنهم فقط.
حين يطلق شباب سعوديون ضالون النار على عسكري سعودي مسلم على الحدود فالرصاص موجه إلى كل السعوديين بكل طوائفهم ومذاهبهم، والعسكري الشهيد مات دفاعا عن كل السعوديين بكل طوائفهم ومذاهبهم. ونحن نحارب القتلة بصرف النظر عن كونهم سعوديين مسلمين، نحاربهم كأعداء للوطن.
إن هؤلاء الشباب الضالين يشركون بالوطن فكرة الكفر بالحدود بين المسلمين، وفكرة تكفير الدولة، فيخسرون حياتهم وأمانهم ووطنهم.
فكرة الإشراك بالوطن مدمرة، أشركت النازية بالوطن فكرة تفوق العرق الآري، فدمرت العالم وانتحرت، أشرك بن لادن بالوطن فكرة دار إسلام ودار كفر وقضى عمره طريدا حتى انتهى برصاصة في بيته، وجر على قومه ضررا ما زال حتى اليوم.
أشرك الإخوان بالوطن فكرة أستاذية العالم فأحدثوا صدعا ماثلا أمامنا وسيبقى طويلا.
أشرك حزب الله بالوطن فكرة المقاومة وها نحن نرى حال لبنان، ومثله الحوثي في اليمن، وداعش في العراق وسورية.
الوطن لا يقبل الشراكة فيه، إنه عقيدة لوحده، عقيدة ليست مرتبطة بأي عقيدة أخرى، ولا فضل لصعلوك على عابد في العقيدة الوطنية إلا بمقدار تضحيات كل منهما للوطن، ولا فضل لزاهد على فاسق إلا بمقدار صفاء ولائهما الوطني ولا فضل فيها لعالم على جاهل إلا بمقدار سخاء روحيهما لتراب الوطن. قد يخون المتدين ويفي العاصي، ويسخو الفقير ويبخل الغني، للعقيدة الوطنية معاييرها الخاصة.
هذه العقيدة صافية لدى كل شعوب الأرض ولا لبس فيها ولا كلام حولها، لكن يثير القلق أن نجد فينا من يضع الدين والوطن في سلسلة ترتيب واهمة وظالمة للدين والوطن معاً.