لو تأملت أغلب المنازل التي تم بناؤها مع انطلاق قروض صندوق التنمية العقارية أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات؛ ستجد أنها تحتوي في واجهاتها على شرفات جميلة بلكونة وهناك من يسميها برندة. تأمل جيدا فإن لم تجد، فاعلم أن هناك تعديلا تم على واجهة المنزل، وستلاحظ أن هذه الشرفات تم إغلاقها فعلا!
سيقول البعض إن هذه التصاميم لا تناسب مواقع المنازل وسط الأحياء، وهذا غير صحيح، هناك فلل تقع على الواجهة البحرية في الشرقية وجدة، ومع ذلك تخلو من الشرفات. ما قيمة منزل على الشاطئ دون بلكونة؟!
هناك من يحيل السبب إلى مساحات البيوت الضيقة، وهذا غير مقنع على اعتبار أن مساحة البلكونة لا تتجاوز مترين.
هناك سبب آخر! هناك من يقول إن هذه التصاميم لا تناسب مناخ البلد، وهذا غير صحيح، هناك مناطق كثيرة في بلادنا ذات أجواء خلابة خاصة المرتفعات الجنوبية، كثير من المنازل هناك تخلو من الشرفات. هل تتذكر حينما تسافر إلى دول عربية مجاورة كيف أن أفضل مكان يستهويك هو الشرفة. إذ تقضي فيها أغلب ساعات النهار والليل وسط الأشجار والأزهار. هنا البلكونة تطل على بنشر أو محل أثاث مستعمل ومع ذلك تم طمسها من كل التصاميم العمرانية في بلادنا. أصبحت واجهات المنازل صامتة. ابحث عن السبب الحقيقي لهذا الانكفاء القاتل. أخشى أن يأتينا يوم ويتم إلغاء النوافذ من المنازل!
يقول أحد الاستشاريين الهندسيين لـالعربية نت: البلكونة ليست مجرد مساحة في الفراغ، وإنما هي تمثل الحياة الخارجية لأفراد المنزل بعيدا عن الحوائط الأربعة الداخلية!
وعلى أي حال فالشرفة أو البلكونة جاءت كمثال عابر تماما، لثقافة دخيلة على حياة كثير من الناس في بعض المناطق. النظر تجاه الآخرين بعين الشك والريبة. هذا سلوك دخيل علينا. الأصل في العلاقات الإنسانية هو حسن الظن، حتى يثبت العكس. للأسف علاقات كثير من الناس ببعضها أصبحت تقوم على سوء الظن.