تبرز أهمية التعاضد والتكاتف لمواجهة التنظيمات المتطرفة التي ربما صُنعت بفعل استخباراتي غربي بهدف تشويه الإسلام وتهيئة المسوغات التي تسمح بمعاودة غزو البلاد العربية وإعادة تشكيلها

لقد مضى اليوم الذي كنا نخشى فيه على الإسلام من أعدائه، بعد أن جاء اليوم الذي صار الإسلام يضار ويهزم ويشوه من قبل بعض أبنائه الذين يسيئون إليه من حيث يحسبون أنهم يحسنون.
في ذروة الحضور الصحوي كان التوجس من بعض الرسومات وبعض الأشكال الهندسية التي تأخذ شكل الصليب يأخذ مداه إلى أبعد حد. فمثلاً تم تغيير شعار الخطوط السعودية لأنه -من منظور معين وباعتساف متعمد- يأخذ شكل الصليب، وبالطبع تم إلغاء كل السنوات التي كرس فيها هذا الشعار سمعته وحضوره، وبالمقابل تم دفع الملايين عبر دفع ضريبة تغيير الشعار على الطائرات والمطبوعات وكل ما يمت إلى الخطوط بصلة.. والحال كذلك مع كثير من المقتنيات التي كان بعضها يحمل نفس التهمة.
لم يكن الإسلام الذي وقر في نفوسنا وتوطن مشاعرنا يهتز أو يرتعش بسبب هذه الإيحاءات الصليبية، ولم يكن في الوارد أن نصبح مسيحيين لمجرد أن نرى رسماً هندسياً في زاوية جانبية في سجادة أو كرسي أو قلم، أو فوق ظهر حذاء، أو على قميص طفولي، لا لشيء إلا لأننا نسافر ونرى الكنائس وقد ندخلها ونتأمل مبانيها ونشفق على أهلها أنهم لم يلحقوا بنا ويسلموا مثلنا.
على أي حال مضى ذلك اليوم الذي كان الصليب يشكل هاجسا لمن يخافون على إسلامنا وديننا من بعض مسلمينا، حتى جاء الوقت الذي صرنا نخشى فيه على الإسلام من التشويه المتعمد الذي يطاله من الإعلام الغربي المترصد لبعض السلوكيات الناشزة من بعض المسلمين ويربطها بالإسلام دين السماحة والتوسط والتيسير.
ومن هنا تبرز أهمية التعاضد والتكاتف لمواجهة التنظيمات المتطرفة التي لربما أنها مصنوعة بفعل استخباراتي غربي بهدف تشويه الإسلام وتهيئة الأرضية المناسبة والمسوغات التي تسمح بمعاودة غزو البلاد العربية وإعادة صياغتها وتشكيلها، بل وإضعافها من خلال تفتيتها وتقسيمها إلى دويلات صغيرة.
أو ربما أن هذه التنظيمات الخارجة مصنوعة وفق حبكة سياسية مذهبية لتشويه السنة. أو ربما تحديداً أن هذه التنظيمات المتطرفة إنما هي نتاج مخطط إقليمي يستهدف المملكة وريادتها للسلفية الإسلامية.
على أي حال هي مجموعة ربمائيات ولا شك في صحة أحدها، أو ربما تداخلت جميعها في هذا الظرف على نحو جعل مجموعة من الأهداف تلتقي لتصب في هذا الاتجاه الذي أفرز بدوره هذه الدمامل التي فاضت تقرحاتها على سمعة هذا الدين العظيم.
وبالتالي فإن على علماء الأمة وأهل الحل والعقد أن يلتمسوا الحلول لنبذ التنظيمات وتبيان عوارها وتجسير العلاقة بين العلماء وشباب الأمة لإزالة الشكوك والالتباسات التي توقع الصغار في حبائلها.