عبدالله سليمان الطليان

مازلنا نعيش على الذاكرة نجتر منها تاريخا مليئا بالعزة والكرامة والصورة الزاخرة بالحضارة، تعلمناه منذ الصغر ولا زلنا نفتخر به، ولكننا توقفنا عنده وأصبح سلاحنا الذي ندافع به عن أنفسنا في كل محفل ولقاء، نجاهد بكل قوة في سرد الحقائق وتوضيحها وبيانها، تتعالى أصواتنا ونثور على تحريفها وتزييفها، يغتالنا الوقت ونحن نبحث عن معالم الطريق تائهين متشرذمين نتجرع كأس الذاكرة ونسقيها لأجيالنا جيلا بعد جيل، هذا سلاحكم العتيد لا تجعلوه يصدأ حافظوا عليه، تفننوا في شدة الخطابة والإلقاء والبحث عن الكلمات الرصينة المنمقة ورددوا أننا أمة صنعت تاريخا.
زيدوا من حدة أصواتكم واكشفوا حجم المؤامرة من سايكس بيكو إلى مكمهون التي مزقت الوطن العربي ومازالت تمعن في ذلك، تخدرنا متى ما أرادت وبحسب مصالحها ونحن منهمكون في تغطية أجسادنا التي عراها الذل والانهزام والتفكك الذي لا ينتهي، يتسرب إلينا شيئا فشيئا والعدو ينظر إلينا بسخرية وشماتة، لا تطلبوا منا أن نصحو من غفلتنا والكف عن نزعاتنا التي تطورت من الحدود إلى أعماقنا وإلى من تنتمي، ولا تطلبوا منا إعادة الهيبة والكرامة لأننا لا نملك القوة التي بقيت لدينا في أن بطولات الخيل والسيف سوف تنتصر على الطائرة والدبابة، نرددها في المقاهي والمناسبات مصابون بالكسل والخمول والبلادة والتنبلة التي ضخمت أجسادنا فانحطت عقولنا وماتت أفكارنا، أولادنا عودوا إلى بيوتكم فقد غلبكم النعاس وارتاحوا في نومكم وتذكروا أن الزمن كفيل بتغير هذا الواقع المليء بالأحداث المؤلمة والمحزنة، سوف نصمد بذاكرتنا العتيدة التي سوف نتمسك بتكرارها لكم حتى لا تموت هذه الأمة في طي النسيان.