اعتدت ألا أبدأ يومي بمتابعة مواقع التواصل أبدا. يوم الإنسان انعكاس لبدايته. إن كانت جيدة ستمر ساعاته جيدة، وإن كانت قلقة متوترة ستكون بقية يومه كذلك. البداية تجذب النهاية!
أمس، وعلى غير المعتاد، فتحت هذا الجهاز المزعج فقرأت رسالةً، تقول الوطن إن يتيمة جازان التي انتحرت قبل يومين قد كتبتها صباح عيد الفطر الماضي. تقول في بدايتها: مين قال إن الكل فرحان؟ إنت تعرف وش يصير في العيد؟ إنت تعرف كم بيت فقد شخص كان العام الماضي معاه. إنت واثق إن الكل مبسوط في العيد؟ كم واحد يتيم يتمنى أبوه ياخده معه لمصلى العيد. كم بنت يتيمة تتمنى تبوس راس أبوها في صباح العيد. كم بيت محروم من حس أمه في صباح العيد؟.
توقفت عن قراءتها فورا؛ لأن هذا الجزء كفيل بأن يجذب معه التوتر والحزن طيلة اليوم. هذه اليتيمة التي شنقت نفسها أول من أمس، كانت تعاني عنفا أسريا، والدها متوفى ـ وما أعظم فقد الفتاة لأبيها ـ ومحرومة من رؤية والدتها المطلقة، ولديها أخ وأخت أصغر منها، وجميعهم تحت وصاية إخوتها من أبيها. عانت العذاب كثيرا، وحاولت ـ كما تقول الوطن ـ إنهاء حياتها شنقا داخل المنزل أكثر من مرة، وأدخلت إلى المستشفى عدة مرات، إلا أنها فارقت هذه المرة الحياة.
لدي ثلاث نقاط، الأولى: رجاء من جميع مسؤولي حقوق الإنسان في جازان أن يتقدموا باستقالاتهم من هذه المهمة الجليلة التي تعدّ أكبر منهم، ومن مقاساتهم القصيرة.
الثانية: من هو مسؤول وزارة الشؤون الاجتماعية في جازان، وما حدود مسؤوليته تجاه فتاة حاولت الانتحار أكثر من مرة حتى نجحت؟
الثالثة: هي لذوي هؤلاء الفتيات المعنفات اللاتي أصبحن مواد صحفية تصدمنا كل صباح: أليس لهن أقارب؟! العرف والفطرة أن الفتاة حينما تتعرض للخطر أو الأذى تلوذ بحضن والدها، فإن كانت يتيمة تلوذ بحضن جدها، فإن عدمته، تلوذ بعمها أو خالها. الذي يحدث اليوم مؤشر خطير على تدهور العلاقات والروابط العائلية.
كان الله في عون كل يتيمة تعرضت للظلم، ورحم الله كل يتيمة دفعتها قلة العزوة والسند إلى الانتحار.