(سيبويه) اقتلع آخر شعرات رأسه وهو يسمع أغلب البرامج في الفضائيات العربية تهمش لغة الضاد بطريقة عجائبية ومقززة في آن معاً، بل ويتعمد أغلب مقدمي البرامج إقحام مفردات أجنبية ما أنزل الله بها من سلطان!
ذات مرة وأنا أكتب مثل هذه النشرة قال لي القلم هامساً: لِمَ لا تكتب عن غربة اللغة؟ لعلك توقظ بنشرتك هذه مجمع اللغة، في البلدان العربية، لوضع حد للاستهتار الذي يجري في أغلب وسائل الإعلام من تشويه لغتنا الجميلة، فيرفع مقدم البرنامج المنصوب، ويكسر المفتوح، وينصب ما هو غير أهل للنصب، ويجر ويلات لغوية قاتلة تكسر خاطر الحروف أثناء تقديمه برنامجه.
أكتب والتوسل للقلم.. يتساءل لمن ترفع حروف الضاد شكوى غربتها الدلالية في سياق الجملة، وأنت تسمعها من مقدمها تشعر أن الجملة قد صدمت بجدار مخ سميك لا يعرف أنه في البدء كانت الكلمة، وأن للكلمة مكانتها، وكيانها وحركاتها التي تتباهى بها.
وبما يشبه البكائية صرخ القلم متوسلا: أرجوك اكتب، أنا أسمع التشويه، من خلال النطق بها فأشعر كأني مصاب بـ(الشيزوفرينيا)! ينبغي أن تحافظوا على لغتكم لأنها هويتكم، إن أضعتم قواعدها انطبق عليكم المثل القائل: خرج بخفي حنين.
حوار القلم عن اللغة جعلني أسحب آهة كادت أن تهدم ما تبقى من جدران صدري، وقلت في سري صدقت أيها القلم، للغة الضاد موسيقاها الجميلة ولحروفها مخارج ومصادر تدل عليها، إن تُليت بشكل صحيح أطربت السامع وشدته وأخذته في رحلة جميلة ما بين قرار وجواب.
مجرد حلم أرّقني ولازمني وكأنه كابوس لم أقو على الفرار منه وأنا أتابع البرامج من قناة لأخرى، وأستمع لآهات الكلمات وهي تستغيث مطالبة بخط سيرها ونطقها السليم، وسط سبات متواصل لمجمع اللغة العربية.