أبها: علي مرزوق

فنانو 'عسير' يتفانون في إبداعات 'جدارية'.. ويعملون بروح 'الفريق الواحد'

يدهش الزائر لـقرية المفتاحة اليوم، حين يتلقاه في مستهل زيارته مشهد فنانين يرسمون جداريات، ترجع بالذاكرة إلى أعوام خلت عندما كانت المفتاحة تعج بالنشاط الثقافي التشكيلي والفني. أعمال جدارية توزعت على حيطان القرية لفنانين سجلوا إبداعتهم وأفكارهم وتطلعاتهم، وكل ما تقع عليه أعينهم من مظاهر تصور طبيعة عسير وعمارة تقليدية تجمع بين البناء والتوظيف الجمالي يعكف على تنفيذها كل من الفنانين: ملفي الشهري، ومحمد الشراحيلي، وإبراهيم الألمعي، وعبدالمجيد الشهري، وإسماعيل الصميلي، وعلي سلمان، وسعيد الأحمري.
وإذا المتابع للحراك التشكيلي في عسير يلحظ تقدماً من خلال تعدد المشاركات والفوز بالمسابقات المحلية والدولية، يدرك أن ذلك لم يكن يتوازى مع ما قدمته قرية المفتاحة التشكيلية من دعم لأبناء عسير طيلة السنوات الماضية، اليوم تعود الحياة إليها من جديد في ظل إدارة شابة تعي متطلبات التشكيل وأهله.
علي سلمان يتحدث عن التحضير والإعداد للجداريات قائلا: الإعداد كان حصيلة تخطيط وتنسيق مع مدير القرية، ابتداء من اختيار وتحديد المكان، مروراً بالتصميم، وانتهاء بالتنفيذ الذي نعمل فيه حتى الآن، ويحتاج منا إلى بضعة أيام لتكتمل الصورة وتكتسي القرية ثوبها الجديد، متمنيا التوفيق للإدارة الجديدة في تنفيذ خططها وأهدافها. ويوضح ملفي الشهري بأن إعداد الحيطان أخذ من فريق العمل وقتا امتد إلى أكثر من يوم تمثل في إزالة الطلاءات القديمة أولاً، ومن ثم تنفيذ التأسيسات اللازمة والمناسبة للطلاءات اللونية المستخدمة، ويضيف الشهري: الجميل في عمليات التنفيذ روح الفريق الواحد فكل منا يساعد الآخر. ويتفق معه سعيد الأحمري الذي أضاف بأن فريق العمل تربطهم صداقة ومودة واتجاه فني واحد؛ مما سهل المهمة وأسهم في نجاحها، وتابع بأنه بصدد تنفيذ جدارية تعكس تناثر القطرات اللونية على الحائط. بينما استحضر إسماعيل الصميلي الزخارف الإسلامية بشقيها النباتية والهندسية على حائط مسجد القرية، مظهرا دقة في التنفيذ وقدرة على توظيف نجمة الثمانية ببعدها الثلاثي على الحائط، بينما استحضر الوحدات الزخرفية النباتية على حائط المحراب، وربط بينهما بالخط الديواني وهو من الخطوط العربية القريبة لما له من خاصية الليونة والطواعية ليتحرك داخل النص البصري وفق إيقاع مموسق يؤكد على حركة العين. وينفذ محمد الشراحيلي جدارية بطول 42 مترا تمثل تراث عسير العمراني وبيئتها وتضاريسها المتنوعة، ويتداخل معها فن الحروفيات والزخارف الإسلامية والشعبية. بينما يوظف عبدالمجيد الشهري الحروف العربية القاعدية بأنواعها، مثل: الثلث، والديواني، والجلي الديواني، في جداريات تستوعب الخط العربي داخل النص البصري التشكيلي.
هذا الحراك الفني التشكيلي الذي يصفه مراقبون بأنه يمثل عودة الروح إلى قرية المفتاحة يرجعه نائب رئيس الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بعسير الفنان معيض الهاجري إلى الفنان بمنطقة عسير، واصفا إياه: يدهشك بأهدافه النبيلة وأخلاقه العالية من خلال جمال تعبيره وجمال ألوانه بعد معاناة مع القرية استمرت لسنوات طويلة، وهذه الجداريات ترمز إلى وفاء الفنان وإخلاصه وتفانيه، كما أنها تعكس الثوب الجميل للمفتاحة المطرز بالجمال ترحيباً بالمرتادين من كل مكان.