أجزم أن الكثير ممن اعترضوا على نظام ساند ليسوا من المتضررين منه، كما أجزم أنه سيكون لرأي المعترضين على ساند، تأثير على تطبيق النظام؛ لأن الزمن تغير، وأصبح المواطن شريكا في صناعة القرار.
لو كنت مسؤولا في التأمينات الاجتماعية لعاقبت الذي أعلن عن ساند، وكابر في تطبيقه بأسرع وقت معاندا كل الآراء المعترضة؛ لأنه فتح جهنم على التأمينات الاجتماعية وأظهر فشلها في أداء عملها بتوفير معاشات المتقاعدين؛ ولأنه منح المغردين فرصة استرجاع انتقادات مجلس الشورى على أدائها الاستثماري، ومنحها سمعة سيئة تدون في تاريخها، وحتى لو قالت التأمينات الاجتماعية إن النظام جاء بعد دراسة وتجارب مماثلة معمول بها عالميا، فإن التوقيت لم يكن مناسبا، كما يقول الكاتب يوسف الكويليت، الذي يرى أنه كان من المفترض أن يُطرح للنقاش ويوضع ضمن خيارات متعددة حتى يكتسب القيمة المعنوية أولا، ثم المادية ثانيا، وأيضا جاء بعد زوبعة الراتب لا يكفي، ثم المطالبة بجعل أولويات السكن والوظيفة وتأمينهما هو الهاجس العام عند العاطلين عن العمل أو أصحاب الدخول التي لا تقوى على تأمين المنزل أيا كان حجمه، وهناك أمر آخر: تفاوت الدخول والأمان الوظيفي وجدليات رفض القطاع الخاص الانصياع لنظم التوظيف، وكلها هموم متراكمة وكبيرة وتحتاج إلى دراسات وقرارات بعضها فوري.
ويبدو أن آثار الاعتراض بدأت تظهر، حيث نقلت صحيفة الحياة عن مصادرها أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تتجه إلى تطوير نظام ساند وإخضاعه لمزيد من الدرس، ويشمل التطوير فكرة استرجاع المبالغ التي يتم استقطاعها بعد التقاعد، في حال لم يتعرض الموظف إلى الفصل خلال أعوام عمله، ويبدو من الفكرة محاولة كسب شيء من الرضا الشعبي.
غريب أن يكون تفكير المسؤول قديما ولا يقدر رأي شريكه، إذ كيف تفكر مؤسسة حكومية بمشاركة الموظف في مساعدة من عجزت وزارة العمل عن حماية حقه، دون أن تأخذ رأيه ودون أن تعترف بعجز بعض مؤسسات الدولة عن حماية الموظف في القطاع الخاص!
والأغرب من ساند وعناد مسؤولي التأمينات؛ ألا يُعتبر الاعتراض على ساند رأيا آخر؟، بل يتولى بعض الاقتصاديين الدفاع عن ساند، معتبرين المعارضين يكتبون بحثا عن جماهيرية بلا مبرر وعقلانية!