حتى لا أخوض بسلبية في هذا الجدل، وبدون اقتراح حلول جمعتها من الخبراء، وخرجت بمقترحات إيجابية تضع التأمينات الاجتماعية أمام مسؤوليتها.. خاصة مع توقع وصول المستحقين للتعويض إلى نحو 1200 متعطل فقط في العام الواحد.. وادعاء أن الاقتطاع من مليون ونصف المليون مواطن لحماية هذا العدد، فاقم الاستياء وضاعفه بإعلان توقعات عن الإيرادات الإجمالية المتوقعة بـ1.7 مليار، وفائض سنوي 800 مليار ريال، وسيبلغ حجم المستفيدين منها 1% فقط من مجمل المشتركين في النظام.. استياء يستحق وقفة.
ساند تم تناوله بعدوانية من البعض.. ما يوحي بوجوب التقصي وتخطي المكابرة على ضرورة إيقاف آلية التمويل المرتبطة بالاقتطاع الإلزامي من راتب المواطن، وما أورده الخبراء من تأكيدات، وما ورد في تصريحات منسوبي التأمينات يشير إلى حجم الترفع عن التصويب في نقطة الاختلاف الجسيمة.. وترتبط باختيار المواطن الممول.. وعدم مناسبته لأن يكون أحد أهم مصادر تمويل ساند، إذا كان هو الضحية فلا يجب جعله ضحية محتملة مرتين، مرة بالدفع بدون استفادة فردية وعوائد شخصية تذكر.. ومرة بجعله يدفع ثمن حادثة-حالة ليس له فيها حتى حق اختيار الشراكة والدعم بإرادته.
لا تملك وزارة العمل والتأمينات سوى تحويل هذا الجانب التمويلي إلى صندوق تعاوني، لدفع رواتب المنقطعين عن العمل وضمان احتفاظ المشتركين بحقوقهم المالية في فائض الصندوق، بعودة الفائض للمشتركين وليس لحساب التأمينات لتحقيق غاية التغطية التأمينية التعاونية لنيل رضا وقبول الناس للفكرة.. وذلك في حال التعنت وعدم الذهاب إلى مصدر تمويل آخر، والتوقف عن المضي في الفشل بابتكار قنوات ربحية بدلا من تحميل المواطن مسؤولية النهوض بـ50% من تمويل ساند.
تحقيق الأمن الاقتصادي الوطني مسؤولية مشتركة، إلقاء عبئها على المواطن ليس من الحكمة ولا بد أن تتكافل قطاعات عملاقة كالمصارف والاتصالات والرسوم والعوائد التي تجنيها الدولة من عدة مصادر، وتحويلات الأجانب التي لا تمس، وهي بالمليارات، وبعض البنوك بدأت بتجميد حسابات هوامير العمالة الوافدة، لوجود حركة مالية ضخمة، هي أولى بتمويل أنظمة التعطل عن العمل وغيرها.. ولو شارك جميع المذكورين هنا باقتطاع مبالغ رمزية لانتهينا من هذا الجدل بعيدا عن راتب المواطن.
لا بد من تحول ساند إلى نظام اختياري للمواطن مع التحفيز، بدلا من لغة تسخيط وتحشيد الناس ضده.. الحل ليس في تجاهل الموقف الرافض والفرح بأن الاقتطاع إجباري.. الإنجاز أن تجعل نسبة الموافقين اختياريا تنجح في جعل الاقتطاع مصدر سرور وتكافل اجتماعي عليه إجماع ومكتسب للترحيب.. ليس هذا وقت استفزاز المجتمع وتحفيز مثل هذه المشاعر السلبية، بدلا من الحرص على رفع الروح المعنوية باتخاذ قرارات موفقة تجعل المواطن برضاه وبطاقته الإيجابية شريكا أساسيا في تحجيم البطالة.